و أما المعتزلة[1]: فلقولهم
بحدوث المريدية و الكارهية لما يراد وجوده أو عدمه، و السامعية، و المبصرية، لما
يحدث من الأصوات و الألوان، و كذا بتجدد العالميات عند تجدد المعلومات عند أبي
الحسين البصري.
و أما الفلاسفة: فلقولهم بأن للّه تعالى إضافة إلى ما حدث، ثم فنى
بالقبلية ثم المعية، ثم البعدية،؛ و هم لا يقولون بوجود كل إضافة، حتى يلزم اتصافه
بموجودات حادثة على ما هو المتنازع، و هذه الشبهة هي[2]العمدة في تمسك المجوزين فلا تكون واردة في محل النزاع، و قد يتمسك
بأن المصحح لقيام الصفة بالواجب، إما كونها صفة، فيعم القديم و الحادث، و إما مع
قيد القدم، أعني كونه غير مسبوق بالعدم، و هو عدمي لا يصلح جزءا للمؤثر.
و جوابه: منع الحصر لجواز أن يكون المصحح ماهية الصفة القديمة
المخالفة لماهية الصفة الحادثة، على أن يكونا أمرين متخالفين متشاركين في مفهوم
الوصفية، و لو سلم: يجوز أن يكون القدم شرطا[3]أو الحدوث مانعا، احتج المانعون بوجوه:
الأول:أنه[4]لو جاز اتصافه بالحوادث لجاز النقصان عليه و هو باطل بالإجماع، وجه
اللزوم، أن ذلك الحادث، إن كان من صفات الكمال كان الخلو[5]عنه، مع جواز الاتصاف به نقصا بالاتفاق، و قد خلا عنه قبل حدوثه، و
إن لم يكن من صفات الكمال امتنع اتصاف الواجب به للاتفاق على أن كل ما يتصف هو به
يلزم أن يكون صفة الكمال.
[1]المعتزلة: و يسمون أصحاب العدل و
التوحيد و يلقبون بالقدرية و العدلية و هم قد جعلوا لفظ القدرة مشتركا و قالوا:
لفظ القدرية يطلق على من يقول بالقدر خيره و شره من اللّه تعالى. احترازا من وصمة
اللقب إذ كان الذم به متفقا عليه لقول النبي صلّى اللّه عليه و سلّم (القدرية مجوس
هذه الأمة).