نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 233
«إِنَّ اللَّهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ» معناه: أنه تعالى لا يغفر
له تفضلا، لزم أن يكون قوله: «وَ يَغْفِرُ ما
دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ» أى
«وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ»
تفضلا، حتى يكون النفى و الاثبات متوجهين الى شيء واحد. ألا ترى أنه اذا قيل:
فلان يتفضل بمائة دينار و يعطى العشرة لمن استحقها، كان الكلام فاسدا، أما لو قال
لا يتفضل بالمائة و لكنه يتفضل بالعشرة، كان منتظما. و لما كان غفران صاحب الصغيرة
و صاحب الكبيرة بعد التوبة واجبا، امتنع حمل الآية عليهما. فتعين حملها على صاحب
الكبيرة قبل التوبة.
و ثانيها: انه لو كان قوله
تعالى: «وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ» معناه: أنه يغفر لمن يستحق المغفرة، كالتائبين و أصحاب الصغائر.
لم يبق لتمييز الشرك عن
غيره فائدة. لأنه تعالى يغفر ما دون الشرك لمن لا يستحق العقاب، و لا يغفر لمن
يستحق العقاب. فكذلك يغفر الشرك لمن لا يستحق العقاب، و لا يغفره لمن يستحق
العقاب. فلا يبقى البتة لهذا التقسيم و التمييز فائدة.
و ثالثها: ان غفران صاحب
الكبيرة و صاحب الصغيرة بعد التوبة، واجب و الواجب لا يجوز تعليقه على المشيئة.
لأن المعلق على المشيئة هو الّذي ان شاء فعله و ان شاء تركه. و الواجب هو الّذي لا
بد من فعله شاء أم أبى. و المغفرة المذكورة فى الآية معلقة على المشيئة، فلا يجوز
أن يكون المراد منها: هو المغفرة للتائب و صاحب الصغيرة.
و اعلم: أن هذه الوجوه
بأسرها الزامات مبنية على قول المعتزلة:
انه يجب الغفران للتائب، و
صاحب الصغيرة. و نحن لا نقول بذلك.
و رابعها- و عليه
الاعتماد-: ان قوله تعالى: «وَ يَغْفِرُ ما
دُونَ ذلِكَ» يفيد القطع بأنه تعالى يغفر كل ما سوى الشرك. و ذلك يندرج فيه الصغيرة
و الكبيرة بعد التوبة و قبلها. ثم قوله بعد ذلك:
«لِمَنْ يَشاءُ» يدل على أنه تعالى يغفر كل هذه الأقسام لكن لا للكل بل للبعض.
فثبت: أنه تعالى يغفر كل
هذه الأقسام للبعض. و ذلك هو المطلوب.
نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 233