نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 197
و رابعها: ان أعمالهم أتم.
لأنهم دائما يواظبون على الخدمة «يُسَبِّحُونَ
اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ» لا يلحقهم نوم
العيون، و لا سهو العقول، و لا غفلة الأبدان. و طعامهم التسبيح، و شرابهم التقديس
و التمجيد، و أنسهم بذكر الله، و فرحهم بخدمة الله متجردون عن العلائق البدنية،
مبرءون عن الحجب الشهوانية و الغضبية. فأين أحدهما من الآخر؟
و خامسها: الروحانيون لهم
قدرة على تغيير الأجسام، و تقليب الأجرام، و القدرة التى لهم ليست من جنس القوى
المزاجية، حتى يعرض لها كلال و لغوب. ثم انك ترى الشظية[8] الضعيفة من النبات، فى بدو نموها تفتق الأحجار، و تشق الصخور، و ما
ذلك الا بقوة فاضت عليها من جواهر القوى المساوية فما ظنك بتلك القوى السماوية.
فالروحانيون هم الذين يتصرفون فى الأجسام السفلية تقليبا و تصريفا، لا يستثقلون
حمل الثقال و لا يستضعفون نقل الجبال.
فالرياح تهب بتحريكاتها، و
السحاب تعرض و تزول بتصريفاتها، و الزلازل تطرأ بقوتها، و الآثار العلوية تحدث
بمعونتها.
و الكتاب الكريم ناطق
بذلك، كما قال: «فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً»
(الذاريات 4) و قال: «فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً» (النازعات 5) و معلوم: أن شيئا من هذه الأحوال لا يصدر عن الأرواح[9] البشرية، فأين أحدهما من الآخر؟
الحجة الثانية و
العشرون:
الروحانيون مختصون
بالهياكل الشريفة- و هى السيارات السبع و سائر الثوابت- و الأفلاك لها كالأبدان، و
الكواكب كالقلوب، و الملائكة كالأرواح. و نسبة الأرواح الى الأرواح، كنسبة الأبدان
الى الأبدان. ثم انا نعلم: أن اختلاف أحوال الكواكب و الأفلاك يتأدى لحصول
الاختلافات فى أحوال هذا العالم، فانه يحصل من حركات الكواكب، اتصالات مختلفة من
التثليث و التسديس و التربيع و المقابلة و المقارنة. و كذلك مناطق الأفلاك. تارة