قلنا:
إنّما سمّى نفسه/ بذلك لاستخلافه له فى الصلاة كما قدّمناه، و لم يكن كاذبا فيه، و
يمكن أن يقال إنه إنما سمى نفسه بذلك؛ لأنه قام مقام النبي- عليه السلام- فيما كان
بصدده من إقامة الدين، و سياسة المسلمين، بوجه شرعى، و هو انعقاد الإجماع عليه؛ فإن
كل من قام مقام شخص فيما كان ذلك الشخص بصدده؛ فإنه يصح أن يقال:
خلفه
فيه، و لهذا يصح أن يقال: فلان خليفة فلان فى العلم: أى أنه قائم مقامه فيه، و إن لم
يكن ذلك باستخلاف من ذلك الشخص.
قولهم:
إن شرط الإمام أن يكون أفضل الأمة، ممنوع على ما تقدم.
قلنا:
أما قوله: «وليتكم و لست بخيركم» فيحتمل أنه أراد به التولية فى الصلاة على عهد رسول
الله- صلى اللّه عليه و سلم- [3]، و من المعلوم أنه لم يكن خير قوم فيهم رسول الله،
و يكون فائدة ذكر ذلك الاحتجاج على جواز توليته بعد الرسول بطريق التنبيه، بالأعلى
على الأدنى، و يحتمل أنه أراد بقوله: «لست بخيركم» أى فى العشيرة، و القبيلة، فإن الهاشمى،
أفضل من القرشى، و إن لم يكن شرطا فى الإمامة كما سبق.
و
على كل واحد من التقديرين يكون صادقا، و لا ينافى أفضليته.
و
أما طلبه القيلولة، فليس فيه ما يدل على عدم الأهلية أيضا، و لا سيما مع اتفاق الأمة
عليه، و قولهم. «لا نقيلك و لا نستقيلك رضيك رسول الله لديننا، أ فلا نرضاك لدنيانا»؛
بل لعل ذلك إنما كان للفرار من حمل أعباء المسلمين، و التقلد لأمور الدين، أو للامتحان
ليعرف الموافق من المخالف، أو غير ذلك من الاحتمالات، و مع ذلك فلا ينتهض ما ذكروه
شبهة فى نفى الاستحقاق للإمامة.
قولهم:
شرط الإمام أن يكون أعلم الأمة؛ لا نسلم ذلك؛ كما تحقق من قبل.
[1]
انظر ما ورد فى المغنى للقاضى عبد الجبار 20/ 355 و ما بعدها من القسم الأول. [2]
انظر ما مر ل 296/ أ و ما بعدها. [3]
قارن بما ورد فى غاية المرام ص 389، و أصول الدين للبغدادى ص 182.
نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 5 صفحه : 251