نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 4 صفحه : 70
و
لا يخفى [11]// أن الألفاظ الشّريفة الواقعة بالاصطلاح المطابقة للمعانى متناهية؛ فكانت
مراتب البلاغة المترتّبة على الألفاظ الواقعة متناهية.
و
أما إن نظر إلى ما يمكن وقوعه من اللّغات بعد اللغات الواقعة المفروضة:
فلا
يبعد فى علم الله- تعالى- وجود ألفاظ هى أشرف من الألفاظ الواقعة. و تكون مطابقتها
لمعانيها أعلى رتبة فى البلاغة من الألفاظ الواقعة و هلمّ جرا إلي ما لا يتناهى.
و
اذا عرف ذلك فاشتمال القرآن على أصل البلاغة، و تميزه عن الرّكيك من الألفاظ؛ أمر متّفق
عليه؛ و هو معلوم بالضرورة عند من له أدنى معرفة باللّغة.
و
إنّما الحاجة داعية إلى بيان اشتماله على البلاغة المجاوزة لجملة البلاغات المعهودة
لأرباب أهل اللغة نظما، و نثرا؛ إذ به يتحقّق الإعجاز من غير حاجة [1] إلى القول أنه
لا بلاغة أبلغ من بلاغة القرآن [1] فى علم اللّه- تعالى- و من كان عالما بأركان البلاغة
و فنونها، و من جميع المعانى الكثيرة فى الألفاظ القليلة مع دقّتها، و عذوبتها، و البسيط
مع مجانبة الحشو، و ضروب التّأكيد مع تعرى الكلام عما يسفل/ و يخل، و وصف الأحوال و
التّشبيهات، و ضرب الأمثال و الاستعارات، و حسن مطالع الكلام، و عذوبة و مفاصله، و
الحذف، و الاضمار، و التّقديم، و التّأخير، مع سلاسة الكلام، و عذوبة ألفاظه، و دقّتها،
و تعريها عن المستغث الشّاذ النّادر إلى غير ذلك من أنواع البلاغات؛ علم أنّ القرآن
عند تصفّحه، و النّظر فى آياته، و دلالة ألفاظه؛ مشتمل على جملتها و محتوى عليها؛ لم
يغادر منها شيئا، و أنّ افصح فصحاء العرب، و أبلغ بليغ من أهل الأدب من أرباب النّظم،
و النّثر، و الخطب غايته الاستئثار بنوع واحد من أنواع البلاغة على وجه لوازم غيره
فى كلامه لما و اتاه، و كان فيه مقصّرا، و أنّه لم يجتمع لأحد من البلغاء فى كلامه
من أنواع البلاغة، ما اجتمع فى القرآن الكريم.
فمما
كثر معناه و قلّ لفظه مع جزالة الألفاظ و دقّتها و تعاليها عن الرّكيك المستغثّ قوله-
تعالى-:-