نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 4 صفحه : 285
للنفس
و للبدن من جهة النفس، و أن اختلاف التابع لا يؤثر فى اختلاف المتبوع، و هذا كله فخارج
عن الإمكان، و مخالف للحس و العيان؛ فإذن النفس متعددة لا متحدة.
ثم
اختلف هؤلاء: فمنهم من زعم أن الاختلاف بين النفوس الإنسانية بالنوع و الحقيقة.
و
منهم من زعم: أنها متحدة بالنوع مختلفة بالشخصى، و العرض.
و
قد احتج الأولون بأنا قد نجد فى الناس العالم و الجاهل، و القوى و الضعيف، و الخسيس
و النفيس و الخير، و الشرير، و الغضوب و الحمول، و الصبور و الملول. إلى غير ذلك من
الاختلافات فى القوى، و الهمم، و الأخلاق. و ذلك: إما أن يرجع إلى غرائز نفوسهم الأصلية
و فطرتها الأولية، و إما أن يكون ذلك كله اكتسابيا، عرضيا، مأخوذا من اختلاف أمزجة
الأبدان.
لا
جائز أن يقال بالثانى: فإنا إذا اعتبرناه أدّانا الاعتبار أن بدن الإنسان قد يتغير
مزاجه من جهة أخلاق النفس حيث يغضب؛ فيسخن مزاجه و يغتم فينحف، و يهزل، و يفرح فيطرب
و يخصب، و لم تكن الحرارة فى مزاج بدنه أوجبت فى نفسه الغضب؛ بل حالة الغضب الطارئة
على نفسه، أوجبت حر مزاجه؛ فكانت بعض أحوال البدن لازمة عن أحوال النفس.
و
لهذا كان تغير أحوال النفس بالعادات، مغيرا لأحوال الأبدان، و ناقلة [11]// لها من
شأن إلى شأن، حتى أنها تتبدل مع تبدل الأمزجة و الأشكال؛ فتنقل خلقة الشرير إذا صار
خيرا إلى خلقة الأخيار، و كذلك بالعكس و هذا كله يشهد بأن هذا الاختلاف ليس إلا لاختلاف
جواهر الأنفس، لا لاختلاف أمزجة الأبدان.
و
أيضا: فإنا قد نشاهد اختلاف النفوس/ بأمور لا تعلق لها بالأبدان، و أمزجتها، و الأجسام،
و أشكالها: كمحبة الصنائع، و العلوم، و الميل إلى فنون منها، دون فنون.
و
أيضا: فانه لو كان ذلك الاختلاف لاختلاف المزاج؛ لما بقى الإنسان على خلق واحد نفسانى
عند تبدل مزاجه، و انتقاله من ضدّ إلى ضدّ من حار إلى بارد، و من بارد: