و
وجه الاحتجاج به: أنه- تعالى- صرح بوضع الوزر عنه، فإن قوله تعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ
لَكَ صَدْرَكَ/ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ، و إن كان لفظه لفظ استفهام، إلا أنه للوجوب،
و لفظ الوزر ظاهر فى الذنب؛ إذ هو المتبادر من لفظ الوزر إلى الفهم، و ذلك يدل على
سابقة الذنب. و لهذا قال المفسرون المراد منه ما كان قبل الرسالة من الذنوب.
فإن
قيل: لا نسلم أن الوزر هو الذنب؛ بل الوزر فى اللغة هو الثقل، فكل شيء احتمله الرجل
على ظهره؛ فأثقله؛ فهو وزر. و منه سمى الوزير وزيرا؛ لأنه يتحمل أثقال صاحبه. و منه
قوله تعالى: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها [2]: أى أثقال أهلها. و الذنب إنما
سمى وزرا؛ لأنه يثقل صاحبه، و على هذا فكل شيء أثقل الإنسان، و غمه جاز أن يسمى وزرا
تشبها بالوزر الّذي هو الثقل الحقيقى.
و
عند ذلك: فلا يمتنع أن يكون المراد بلفظ الوزر فى الآية ما كان يثقله من الهم، و الغم
بسبب شرك قومه، و ما كان عليه من كونه مقهورا مستضعفا بين المشركين.
و
حيث أعلى الله- تعالى كلمته، و نشر أعلامه، و أزال عنه ما كان يثقله من الهم و الغم
خاطبه بقوله- تعالى-: وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ تذكيرا له بما أنعم به عليه؛ ليقابله
بالشكر. و ليس فى ذلك ما يدل على سابقة الذنب.
و
الجواب:
إن
الوزر و إن كان فى اللغة حقيقة فى الثقل الحقيقى، فهو مجاز فيما عداه، و لا يخفى أن
حمل الوزر على الذنب مجاز مشهور فى العرف؛ لتبادره إلى الفهم عند
[1]
سورة الشرح 94/ 1- 3. لمزيد من البحث و الدراسة بالإضافة لما أورده الآمدي هاهنا راجع
ما يلى:
تفسير
الكشاف للزمخشرى 4/ 266، 267، و تفسير الرازى 32/ 2- 5.
و
تفسير القرطبى 10/ 7194- 7196، و مختصر تفسير ابن كثير 3/ 652.
و
شرح المواقف للجرجانى- الموقف السادس ص 157.
و
شرح المقاصد للتفتازانى 3/ 315. [2]
سورة محمد 47/ 4.
نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 4 صفحه : 204