أنوارهم بقية منهم؛ ألا إن كلا اصطفيت و طهّرت، و نظر فإذا شبح في آخرهم يزهر في ذلك الصفيح كما يزهر كوكب الصبح لأهل الدنيا؛ فقال اللّه تبارك و تعالى و بعبدي هذا السعيد أفكّ من عبادي الأغلال، و أضع الآصار و أملأ أرضي به حنانا و رأفة و عدلا؛ كما ملئت من قبله قسوة و جورا ثم ذكر أنهم أحضروا صحيفة شيث الكبرى التي انتهى ميراثها إلى إدريس النبي 7.

ثم نقل منها كلاما طويلا من جملته: أن آدم قال: يا بني أنا أخبركم بأكرم الخلائق جميعا على اللّه، إنه و اللّه لما نفخ فيّ الروح حتى استويت جالسا، فبرق لي العرش العظيم، فإذا فيه لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه؛ فلان أمين اللّه، فلان أمين اللّه، فلان خيرة اللّه، فلان صفوة اللّه، فلان أمين اللّه فذكر عدة أسماء.

ثم ذكر أنهم نظروا إلى تابوت ابراهيم فأبصروا فيه بيوتا بعدد ذوي العزم من الأنبياء المرسلين و أوصيائهم، و نظروا فإذا بيت محمد آخر الأنبياء، عن يمينه علي بن أبي طالب آخذ بحجزته، فإذا شكل عظيم يتلألأ نورا فيه؛ هذا صنوه و وصيه المؤيد بالنصر، فقال ابراهيم: إلهي و سيدي من هذا الخلق الشريف؟ فأوحى اللّه إليه: هذا عبدي و صفوتي الفاتح الخاتم، و هذا وصيه الوارث، هذا محمد خيرتي و بكر فطرتي، ثم إني باعثه عند انقطاع الزمان لتكملة ديني و خاتم رسالاتي و نذري، و هذا علي أخوه و صديقه الأكبر آخيت بينهما، و صليت و باركت عليهما؛ و طهرتهما و أخلصتهما، و الأبرار منهما و ذريتهما قبل أن أخلق سمائي و أرضي، قال: و نظر ابراهيم فإذا اثنا عشر عظيما تكاد تلألأ أشكالهم لحسنها نورا فقال: يا رب نبئني بهذه الصورة المقرونة بصورة محمد و وصيه فأوحى اللّه إليه هذه أمتي و البقية من نبيي فاطمة الصديقة الزاهرة، و جعلتها مع حليلها عصبة لذرية نبيي، و هذان الحسنان و هذا فلان و هذا فلان؛ و هذا كلمتي التي أنشر به رحمتي في بلادي بعد إياس منهم و قنوط.

قال: ثم صار القوم إلى ما نزل على موسى فألفوا في السفر الثاني من التوراة إني باعث في الأميين من ولد إسماعيل رسولا أنزل عليه كتابي، و أبعثه بالشريعة القيّمة إلى جميع خلقي، تكون ذريته من ابنة له مباركة باركتها، ثم من شبلين لها كإسماعيل و إسحاق أصلين لشعبين عظيمين‌ [1]، أكثرهم جدا جدا، يكون منهم اثنا

[1] في المصدر: لشعبتين عظيمتين.