غسل المسّ واجب لكل ما هو مشروط بالطهارة (1)بمعنى أن وجوبه شرطي وليس
واجباً نفسياً، وذلك لأنّ الأوامر الواردة بالغسل عند المسّ ظاهرة في
الإرشاد إلى أمرين: أحدهما: أن مسّ الميِّت موجب للحدث، ومن ثمة أُمر بما
يرفعه من الغسل.
و ثانيهما: أن رافع هذا الحدث ليس إلّا الاغتسال، لأن وزانها وزان الأوامر
الواردة بغسل ما أصابته النجاسة، كقوله(عليه السلام)«اغسل ثوبك من أبوال ما
لا يؤكل لحمه»{1}حيث قلنا في محله إنّها إرشاد إلى أمرين: نجاسة البول أو غيره من النجاسات، وأن نجاسته لا تزول إلّا بالغسل.
و ذلك لأنّه مقتضى الفهم العرفي في مثلها، ولا يستفاد منها الوجوب النفسي
والأمر المولوي بوجه، وعليه يكون وجوب الغسل بالمس وجوباً شرطياً بمعنى
أنّه من جهة رفع الحدث وتحصيل الطهارة الّتي هي شرط في الصلاة ونحوها.
و من هنا لم ينسب الوجوب النفسي إلى المشهور في المقام، وإنّما حكي عن
بعضهم المناقشة في كونه واجباً شرطياً، ولكنّه على خلاف المستفاد من
الأخبار، فاحتمال أنّه واجب نفسي مقطوع العدم وعلى خلاف المشهور أو المتفق
عليه بينهم. وهذا يدل على أنّهم أيضاً فهموا من الأخبار الإرشاد كما
فهمناه.
و يؤكّد ما ذكرناه ما ورد في بعض الأخبار من أنّه لو مسّ الميِّت قبل برودته لم يضرّه{2}،
لدلالته على أنّه إذا مسّه بعد ذلك ففيه الضرر، والضرر المتصور في المقام
ليس إلّا كونه محدثاً وغير متمكّن من الدخول فيما يشترط فيه الطهارة إلّا
بالاغتسال.