وإذا
ففي توصيف من أنعم اللّه عليهم بأنهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين تقييد
لإطلاقه، وتضييق لسعته، فلا يشمل هؤلاء الذين لم يؤدوا شكر النعمة، ويكون
مدلول الآية أن العبد يطلب من اللّه الهداية إلى طريق سلكه فريق خاص من
الذين أنعم اللّه عليهم وهم الذين لم يبدّلوا نعمة اللّه كفرا، فحازوا
بإطاعتهم واستقامتهم نعمة الآخرة كما كانوا حائزين نعمة الدنيا، فاتصلت لهم
السعادة في الدنيا والعقبى، ونظير الآية المباركة أن يقال: يجوز اقتناء كل
كتاب غير كتب الضلال، وعلى ذلك فلا موقع لقول بعضهم: إن كلمة غير متوغلة
في الإبهام ولا تعرف بما تضاف اليه فلا يصح جعلها صفة للمعرفة ولا لما
ذكروه جوابا عن ذلك.
وخلاصة القول: إن الحكم المذكور في القضية-خبرية كانت أ وإنشائية-إذا كان
عاما لجميع الأفراد، فإنه يصح تخصيصه متى أريد ذلك-بكلمة غير، كما يصح
تخصيصه بغيرها، فتقول: جاءني جميع أهل البلد، أ وأكرم جميعهم غير
الفاسقين.
«الضالين»: عطف على المغضوب عليهم: وأتي بكلمة«لا»تأكيدا للنفي لئلا يتوهم
السامع أن المنفي ه والمجموع، وكلمة«غير»تدل على النفي التزاما فاجري عليها
حكم غيرها من دوالّ النفي. تقول: جالس رجلا غير فاسق ولا سيّئ الخلق، أعبد
اللّه بغير كسل ولا ملل، وتوهم بعض مقاربي عصرنا عدم جواز ذلك فأتعب نفسه
في توجيه الآية المباركة ولم يأت بشيء، واعترف بعجزه عن الجواب.
التفسير:
وبعد أن لقّن اللّه عبيده أن يعترفوا بين يديه بالتوحيد في العبادة
والاستعانة لقّنهم أن يطلبوا منه الهداية إلى الصراط المستقيم. وقد اشتملت
هذه السورة الكريمة في