إباحة وتمليك. ثمّ أطال الكلام في هذين الإشكالين . أقول: أمّا الصورة الاُولى ممّا أفاده في المقام
فهي الاباحة المصطلحة التي وقع الكلام في كونها مفيدة للاباحة أو الملك
الجائز أو اللازم أو هي فاسدة لا يترتّب عليها شيء، وقد عرفت المختار .
وأمّا الصورة الثانية: فهي غير معقولة جدّاً فضلاً من أن تكون مصالحة أو معاوضة مستقلّة، وذلك لما مرّ في أوائل الكتاب{1}
على نحو الاشارة من أنّ المراد بالمبادلة في البيع هو أن يكون أحد المالين
في مقابل الآخر وعوضاً عنه وينوب منابه في عالم الاعتبار، وهذا إنّما
يتصوّر في الاُمور الموجودة خارجاً أو فيما هو فيه شائبة الوجود كما في
الذمم، وأمّا ما مضى وانعدم فلا يعقل أن يكون قائماً مقام مال الآخر بوجه،
وعليه فلا يعقل أن يكون تمليكه هذا في مقابل تمليك الآخر لأنّه بمجرد إنشاء
التمليك حصلت الملكية وانعدم التمليك، وما لا وجود له كيف يقع في مقابلة
شيء آخر في عالم الملكية والاعتبار. هذا بحسب مقام الواقع والثبوت .
وأمّا بحسب مقام الدلالة والاثبات فلا يمكن إنشاؤه بمثل « ملّكتك الدار »
بل لابدّ من وقوع عقد آخر على نفس التمليك كأن يقول « آجرتك على أن تملّكني
دارك بازاء تمليكي البستان لك ». والحاصل أنّ جعل التمليك بازاء التمليك
ممنوع ثبوتاً وإثباتاً فما يحتمل في هذا القسم أمران: أحدهما أن يكون
التمليك مشروطاً بتمليك الثاني كالهبة المعوّضة .
ثانيهما: أن يكون تمليك الأوّل بداعي تمليك الآخر فتخلّفه لا يوجب الخيار
أيضاً، وعلى أيّ تقدير لابدّ وأن يكون الفرض خارجاً عن باب المعاوضات رأساً
.
وأمّا احتمال كونه مصالحة فمدفوع بما تقدّم من أنّ الصلح عبارة عن إنشاء