لا يخفى أنّ الروايات الخاصّة ليست في مقام حصر الطيب بالأُمور المذكورة
فيها، وليس في مقام تفسير الطيب بالأربعة أو الخمسة، لأن الطيب لغة وخارجاً
غير منحصر بهذه الأُمور، بل له أفراد شائعة كثيرة غير المذكورات. على أنّه
ليس من شأن الأئمة(عليهم السلام)مجرد بيان الأفراد الخارجية وتفسير
المفاهيم العرفية، بل الظاهر منهم(عليهم السلام)أنّهم في مقام بيان الحكم
الشرعي، وأنّ المنع منحصر بهذه الأُمور، وعليه فمقتضى الإطلاق هو المنع عن
جميع الاستعمالات أكلاً وشمّاً ووضعاً على الثوب والبدن، ولو بقرينة سائر
الروايات.
مضافاً إلى أن حذف المتعلق في الروايات الخاصّة يفيد العموم، فلا يختص
التحريم بالشم أو بالدلك، بل يعم جميع أنواع الاستعمالات المعدة المقصودة
لهذه الأُمور حتّى الأكل، وقد صرّح في بعض الروايات بالمنع من أكل شيء فيه
زعفران{2}. (1)يقع الكلام تارة في جواز أكل الفواكه الطيّبة الرائحة، وأُخرى في جواز شمها. أمّا الأوّل: فلا ينبغي الريب في جواز أكل ما
فيه رائحة طيّبة من الفواكه والنباتات والخضروات، ففي بعض الروايات
المعتبرة صرّح فيه بجواز أكل الاُترج والتفاح والنبق وما طاب ريحه، وعلل في
بعضها بانّ الاُترج طعام ليس هو من الطيب{3}فيعلم
أنّ الممنوع ما كان عمدة فائدته والانتفاع به رائحته، كالأجسام المعدة
لذلك مثل العطور لا مثل الأُترج والسفرجل والتفاح والنعناع والريحان
والشاي
{1}هذا هو الأمر الثاني الذي وَعَدنا بالبحث عنه في أن الاستعمال المحرّم هل يختص ببعض أنواع الاستعمال أم يعمّ جميعها.