ثمّ إنّ هنا روايات يظهر منها قطع التلبية بالنظر إلى بيوت مكّة كما في عمرة التمتّع.
منها: رواية يونس«عن الرجل يعتمر عمرة مفردة من أين يقطع التلبية؟ قال: إذا رأيت بيوت مكّة ذي طوى فاقطع التلبية»{1}و لكنّها ضعيفة بمحسن بن أحمد، فإنه ممن لم يوثق، فالتعبير بالموثقة في غير محله.
و منها: صحيحة الفضيل، قال: «سألت أبا عبد اللََّه(عليه السلام)قلت: دخلت
بعمرة فأين أقطع التلبية؟ قال: حيال العقبة عقبة المدنيين؟ فقلت: أين عقبة
المدنيين؟ قال: بحيال القصارين»{2}.
و الجواب: أنه ليس فيها تصريح بالعمرة المفردة و إنما هي بالإطلاق، و
الروايات المتقدّمة واردة في خصوص المفردة فتقيد الصحيحة و يرتفع التنافي.
و ربّما يتوهم معارضة هذه الروايات الدالّة على قطع التلبية بدخول الحرم
بصحيحة البزنطي«عن الرجل يعتمر عمرة المحرم من أين يقطع التلبية؟ قال: كان
أبو الحسن(عليه السلام)من قوله: يقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكّة»{3}،
فإن المصرح فيها العمرة المفردة، لأنّ عمرة شهر المحرم إنما هي مفردة،
فتعارض ما دلّ على قطع التلبية بدخول الحرم في العمرة المفردة.
و الجواب: أن الرواية و إن كان موردها العمرة المفردة و لكنها مطلقة من حيث
بدء العمرة من أدنى الحل أو من قبل الحرم، و الروايات السابقة موردها
الاعتمار من خارج الحرم إما لظهور الروايات في نفسها أو لأجل التقيّة و
نحوها، و صحيحة البزنطي مطلقة من حيث الإحرام من خارج الحرم أو من أدنى
الحل، أو كان في مكّة و خرج و أراد العمرة، فالنسبة نسبة المطلق و المقيّد
فتحمل صحيحة البزنطي على الإحرام من أدنى الحل و يرتفع التنافي.
نعم يبقى شيء و هو أن صحيح البزنطي جعل حدّ قطع التلبية بالنظر إلى بيوت