و منها:
صحيحة حفص البختري«فيمن عقد الإحرام أي بنى عليه و عقد قلبه على ذلك في
مسجد الشجرة، ثمّ وقع على أهله قبل أن يلبّي؟ قال: ليس عليه شيء»{1}فإن المستفاد منها أن العبرة بالتلبية و قبل التلبية لا يترتّب على الجماع شيء فيعلم أن التلبية سبب للإحرام.
و ليعلم أن أهل اللغة ذكروا لكلمة أحرم معنيين: أحدهما: أن يحرّم الإنسان على نفسه شيئاً كان حلالاً له.
ثانيهما: أن يدخل نفسه في حرمة لا تهتك{2}.
و المعنى الثاني أنسب، لأنه يدخل بالتلبية في حرمة اللََّه التي لا تهتك، و
التلبية توجب دخوله في حرمة اللََّه فيقال أحرم أي أدخل نفسه في تلك
الحرمة التي لا تهتك. و منها: صحيحة حماد بن عيسى عن حريز«فإنه إذا أشعرها و قلدها وجب عليه الإحرام و هو بمنزلة التلبية»{3}و وجب بمعنى ثبت، أي إذا أشعرها ثبت و استقر عليه الإحرام و صار محرماً بذلك. و منها: صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد
اللََّه(عليه السلام)«قال: يوجب الإحرام ثلاثة أشياء: التلبية و الإشعار و
التقليد، فإذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم»{4}و
هذه الصحيحة أوضح دلالة من الصحاح المتقدِّمة، حيث تدل بصراحة على أن الذي
يوجب الدخول في الحرمة التي لا تهتك، أحد هذه الأُمور الثلاثة، و أن
الإحرام يتحقّق بأحدها. و منها: صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد اللََّه(عليه السلام)قال: «من أشعر بدنته فقد أحرم و إن لم يتكلم بقليل و لا كثير»{5}باعتبار أن الإشعار في حج القران مكان التلبية.