يكن
مأموراً بالإحرام من الميقات الأوّل، و إنما قصد الحج بعد التجاوز عن
الميقات فجواز الإحرام له من الميقات الإمامي أولى من الحكم بجواز الإحرام
منه لقاصد الحج من الأوّل، و إذا لم يكن أمامه ميقات آخر فالظاهر أن
المعروف بينهم أنه يحرم من مكانه، فحاله حال الناسي و الجاهل. و ربّما
يستدل له بالإجماع، و فيه ما لا يخفى.
و قد يستدل له بإطلاق صحيح الحلبي لقوله: «عن رجل ترك الإحرام»، فإن ذلك صادق على غير مريد النسك أيضا.
و فيه: أن الظاهر من السؤال أنه ترك الوظيفة المعيّنة المقرّرة له، و
السؤال و الجواب ناظران إلى من ترك الوظيفة الواجبة عليه فلا يشمل من ترك
الإحرام لعدم قصده إلى الحج أصلا.
و الصحيح أن يستدل له بوجهين آخرين: الأوّل: دعوى
الأولوية القطعية، فإن المكلف بالحج إذا سقط عنه وجوب الإحرام من الميقات و
جاز له الإحرام من غير الميقات، فثبوت هذا الحكم لمن لم يكن مأموراً بالحج
من الأوّل واقعاً لعدم المقتضى، بطريق أولى. الثاني: ذيل صحيح الحلبي، فإن صدره و إن كان لا
يشمل غير مريد النسك كما عرفت و لكن ذيله لا مانع من شموله له، لقوله: «فإن
خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه»، فإنه يستفاد منه جواز الإحرام من غير
الميقات في كل مورد يخشى أن يفوت الحج منه، و المفروض أن هذا الشخص قد وجب
عليه الحج بالفعل و لا يجوز له التسويف، و فرضنا أنه لا يتمكن من الذهاب
إلى الميقات لضيق الوقت و نحوه من الاعذار، فيحرم من غير الميقات، فإن كان
في الحرم و تمكن من الخروج إلى الحل يخرج و يحرم من الخارج، و إن لم يتمكن
من الخروج يحرم من مكانه، و إن كان في خارج الحرم فيحرم من أي موضع شاء قبل
الوصول إلى الحرم.
و بالجملة: مورد السؤال و إن كان لا يشمل المقام و لكن تعليله بخشية فوت
الحج شامل له، فإن المستفاد من التعليل أن المدار في جواز الإحرام من
الميقات بخوف فوت الحج الواجب عنه.