أن رسول
اللََّه(صلّى اللََّه عليه و آله)وقّت المواقيت الخاصّة و جعل الإحرام
منها وظيفة للمكلّف، فلا بدّ من العود إليها إن تمكن، و أمّا إذا تعذر فقد
يقال بفساد حجّه لأجل عدم الإحرام من الميقات المتعين له، و لا ينفعه
الإحرام من الميقات الثاني لأنه على خلاف وظيفته المقررة له، و لا دليل على
الاكتفاء بالإحرام منه و كونه ميقاتاً له.
و لكن الصحيح أن يقال: إن من تعذر عليه الرجوع لا يفسد حجّه، بل يحرم من
مكانه إذا كان خارج الحرم، و إذا كان في الحرم يخرج إلى أدنى الحل فيحرم
منه كالجاهل و الناسي، فحال العامد حالهما من هذه الجهة، و أن الميقات
السابق ميقات له ما دام متمكناً من الإحرام منه، و إذا تعذر ذلك يسقط عن
كونه ميقاتاً له فيحرم من الميقات الثاني، فهو و إن لم يكن ميقاتاً له
حدوثاً و لكنه ميقات له بقاءً. الجهة الثانية: ما إذا تجاوز عن الميقات الأوّل
بلا إحرام عالماً عامداً و لم يتمكن من العود إليه لضيق الوقت أو لعذر آخر و
لم يكن أمامه ميقات آخر، فهل يفسد إحرامه و حجّه أم لا؟ المشهور هو
الأوّل، و ذهب جماعة من المتأخرين إلى الصحّة و أنه يحرم من مكانه كما في
الناسي و الجاهل، و قد اختاره صاحب المستند{1}و كشف اللثام{2}،
بل نسب إلى بعض القدماء، و قد اتفقوا على أن الجاهل و الناسي يحرمان من
مكانهما إذا لم يدخلا الحرم، و إذا دخلا فيه بغير إحرام يخرجان منه و
يحرمان من أدنى الحل، فكذلك العامد، نظير من جعل نفسه فاقداً للماء
اختياراً، فإنه يتعين عليه التيمم و تصح صلاته و إن كان الفقدان بسوء
اختياره.
و يظهر من المصنف أن القائل بالصحّة قاس المقام بباب التيمم عند فقدان
الماء اختياراً و أنه لا فرق بين المقام و هناك. و أورد عليه بأن القياس في
غير محله، لأنه قد ثبت في باب التيمم بدلية التراب عن الماء مطلقاً حتى في
حال فقدان الماء اختياراً، و لم تثبت البدلية في المقام عند الترك العمدي.