و
الحاصل: أنه لا ريب في أن مقتضى العمومات وجوب التمتّع على جميع المكلفين
ففي صحيحة الحلبي: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة لأنّ اللََّه
تعالى يقول { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى اَلْحَجِّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ اَلْهَدْيِ } فليس لأحد إلّا أن يتمتّع»{1}.
و قد دلّت الآية المباركة على اختصاص ذلك بغير سكنة مكّة، فكلما دلّ
الدليل على إلحاق غير من يسكن مكّة بالساكن فيها فهو و إلّا كان حكمه وجوب
التمتّع لا محالة و بما أن من بعد عن المسجد الحرام بأكثر من ثمانية و
أربعين ميلاً و إن كان الفصل بينه و بين مكّة بأقل من هذا الحد وجب عليه
التمتّع لعدم الدليل على خروجه من العموم فإن المخصص مجمل مردد بين الأقل و
الأكثر فلا بدّ من الاقتصار في التخصيص على الأقل المتيقن، فالنتيجة تحديد
البعد بالنسبة إلى المسجد. الثانية: من كان منزله على نفس الحد فهل يجب
عليه التمتّع أو الإفراد؟ الظاهر هو الأوّل، و ذلك لأنّ المستفاد من صحيح
زرارة أن موضوع الحكم لوجوب الإفراد من كان أهله دون ثمانية و أربعين
ميلاً، و أمّا إذا كان على نفس الحد فلا يصدق عليه أنه دون الحد المذكور
فيشمله حكم العام و هو وجوب التمتّع على كل أحد، و لو شك يجري ما تقدّم من
الأخذ بالقدر المتيقن، لأنّ المخصص مجمل مردد بين الأقل و الأكثر و لا دليل
على إلحاق من كان على نفس الحد بأهالي مكّة، فالمرجع نفس الآية الدالّة
على وجوب التمتّع على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام. الثالثة: الظاهر أن العبرة في التحديد بمبدإ
بلده لا بمنزله و بيته الذي يسكنه، فحكم ساكن الدار الواقعة في أوّل البلد
حكم ساكن الدار الواقعة في آخر البلد، فلا يختلف حكم سكان بلدة واحدة
باعتبار اختلاف منازلهم قرباً أو بعداً، و ذلك لأنه الظاهر من جعل الحد بين
المكلف الذي يختلف في أرجاء بلده و بين المسجد الحرام، و لا خصوصية للدار
أو الدكان و ما شاكلهما. الرابعة: لو شكّ في كون منزله في الحد أو في
خارجه سواء كان ساكناً في البلاد أو البادية، ذكر في المتن أنه يجب عليه
الفحص و مع عدم تمكنه يراعي الاحتياط ثمّ قال: