و
هل يعتبر الحدّ المذكور من مكّة أو من المسجد؟ وجهان، أقربهما الأوّل[1]و
من كان على نفس الحد فالظاهر أن وظيفته التمتّع، لتعليق حكم الإفراد و
القران على ما دون الحد، و لو شكّ في كون منزله في الحد أو خارجه وجب عليه
الفحص و مع عدم تمكّنه يراعي الاحتياط و إن كان لا يبعد القول[2]بأنّه
يجري عليه حكم الخارج فيجب عليه التمتّع، لأنّ غيره معلق على عنوان الحاضر و
هو
_______________________________
فالواجب عليه الإفراد أو القرآن، فلا بدّ من ملاحظة حدّ السفر الموجب
للقصر، و قد حقق في محلّه أن حدّ السفر أربعة فراسخ أي مقدار اثني عشر
ميلا.
و بتعبير آخر: كل من كان دون الحد كما يجب عليه التمام لعدم صدق المسافر
عليه كذلك يجب عليه الإفراد أو القرآن لصدق الحاضر عليه، و من كان فوق الحد
يصدق عليه المسافر فيجب عليه التمتّع، فالعبرة بصدق عنوان المسافر و
الحاضر.
و يرد عليه أوّلاً: أن التحديد بأربعة فراسخ ليس من جهة دخل ذلك في صدق
عنوان السفر، فإن موضوع السفر لم يحدد بأربعة فراسخ لا لغة و لا عرفاً، و
إنما التحديد راجع إلى تخصيص الحكم بالنسبة إلى قصر الصلاة و تمامها.
و ثانياً: أنّ الآية الكريمة غير ناظرة إلى الحضور مقابل السفر و إنما تنظر
إلى الحضور في البلد الحرام في قبال الغياب عنه و الحضور في غيره، فالمراد
من قوله تعالى { ذََلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حََاضِرِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرََامِ } {1}من لم يكن من أهل مكّة و سكنتها، و ذلك يصدق على من كان يسكن غير بلدة مكّة سواء كان قريباً أو بعيدا.
و إن شئت قلت: إن المكلفين على قسمين، قسم يسكن مكّة المكرّمة و قسم يسكن
غير بلدة مكّة، و الآية ناظرة إلى تقسيم المكلفين إلى قسمين من حيث مسكنهم و
أوجب اللََّه تعالى التمتّع على من لم يكن من سكنة مكّة المعظمة.