لا توجب
عدم صدق الربح في المتأخّر، فلا تنجبر به حتى في تجارة واحدة، كما كان
كذلك في خسارة السنة السابقة، ونحوهما ما يصرف في المئونة قبل ظهور الربح. و بالجملة: يختصّ الجبر بالربح السابق والخسارة
اللاحقة، إذ حينئذٍ لا يصدق أنّه استفاد، فإنّ الربح المتعقّب بالخسران في
حكم العدم، فما تسالمت عليه كلماتهم من تدارك الخسارة بالربح في التجارة
الواحدة فضلاً عن المتعدّدة لا بدّ من تقييده بالخسارة المتأخّرة، وأمّا
المتقدّمة فحالها حال الخسارة في السنة السابقة في عدم انجبارها بالربح
اللّاحق. و ملخّص الكلام في المقام: أنّه لا خلاف بين
الأعلام في انجبار الخسارة اللّاحقة بالربح السابق في سنة واحدة لأنّ الربح
وإن صدق حدوثاً إلّا أنّه لا ربح بقاءً بعد تبدّله بالخسران، ففي الحقيقة
لم يربح وإنّما هو صورة الربح.
و أمّا عكس ذلك، كما لو خسر في الشهر الأوّل وربح في الشهر الثاني، فقد حكم
الماتن بالجبر فيه أيضاً، وهو وجيه على مسلكه من جعل مبدأ السنة أوّل
الشروع في الكسب.
و لكنّك عرفت فيما سبق عدم الدليل عليه، إذ لم نجد في الروايات ما يشهد له،
بل الموضوع فيها الغنيمة والإفادة والاستفادة ونحو ذلك ممّا يكشف عن أنّ
المبدأ هو ظهور الربح مشروطاً بعدم الصرف في المئونة.
و أمّا ما تقدّم على الربح من صرف شيء في المئونة أو الخسارة فلم يدلّ أيّ دليل على انجباره بالربح المتأخّر.
نعم، لا ريب في الانجبار بالإضافة إلى مئونة التجارة، أي ما يصرف في سبيل
تحصيل الربح، فيستثنى ما يبذل لأجل استخراج الكنز أو المعدن أو الاتّجار من
ضريبة أو اُجرة حمّال أو مكان أو كتابة أو برقيّة ونحو ذلك ممّا