أخيراً، و هي ما لو تاب من عليه الحقّ و أراد إفراغ ذمّته و كان فقيراً، عندئذٍ فإنّه يجوز حينئذٍ بأحد الوجوه الثلاثة المذكورة، نظراً إلى أنّه بنفسه حينئذٍ موردٌ للزكاة، و لا فرق في ذلك كلّه بينها و بين الخمس و المظالم و نحوها.
أقول: أمّا المصالحة أو القبول فعدم جوازهما واضح:
أمّا بالنسبة إلى الفقير فلعدم كونه مالكاً قبل الأخذ و القبض، فكيف يصالح عمّا لا يملكه؟! و كذا القبول الذي مرجعه إلى الصلح، و لا ولاية للفقير نفسه كما هو ظاهر.
و أمّا بالنسبة إلى الحاكم الشرعي فكذلك، ضرورة أنّ ولايته مقصورة على صورة ملاحظة المصلحة و الغبطة للمولّى عليه و هم الفقراء المفقودة في محلّ الكلام، فإنّ مرجع مصالحة ما يسوى عشرين بدرهم أو قبوله عنه إلى إسقاط تسعة عشر درهماً، و هو تفويت لحقّ الفقير و تضييع من غير جهة و لا مصلحة تقتضيه.
و أمّا المداورة فلا ينبغي الإشكال في جوازها في الفرض الذي ذكره الماتن أخيراً، إذ المالك حينئذٍ بنفسه فقير كسائر الفقراء فيجوز الاحتساب معه.
و أمّا في غير ذلك فقد يفرض أنّ الإعطاء بعد الأخذ من شؤون هذا الشخص، كما لو فرضنا أخوين و الأكبر منهما و إن كان فقيراً إلّا أنّ من شؤونه الصرف على أخيه الأصغر الغني لبعض المناسبات المقتضية له، كالإنفاق عليه لمصارف العرس مثلًا ففي مثله يجوز أخذ الزكاة منه ثمّ الردّ عليه و هكذا يداور معه إلى أن تفرغ ذمّته، إذ الردّ حينئذٍ من المصارف العاديّة اللّائقة بشأنه و لم يكن تضييعاً بحيث لو لم يأخذ منه لأخذ الزكاة من شخص آخر. و الظاهر أنّ مثل هذا الفرض خارج عن محلّ كلامه (قدس سره).
و أمّا غير ذلك على ما هو المتعارف في غالب البلاد أو جميعها من مسامحة