غنيّاً بالدين، و لا تنافي بين الأمرين، و من ثمّ تجب الزكاة على من تملّك النصاب و إن كان عليه دين، قال: لأنّ الدين في الذمّة و الزكاة في العين {1}.
أقول: قد تقدّم عند التكلّم حول شرط الفقر: أنّ من ملك فوق سنته بالفعل أو بالقوّة فهو غني شرعاً لا يستحقّ الزكاة من سهم الفقراء و إن كان عليه دين خارجي. نعم، يستحقّها من سهم الغارمين، و هو أمر آخر خارج عمّا نحن بصدده، فالدين بما هو دين لا يمنع عن صدق الغنى شرعاً بل و لا عرفاً. أ لا ترى أنّ كثيراً من التجار و الأغنياء لعلّهم مدينون بأكثر ممّا يملكون من جهة المظالم و الكفّارات أو الإتلافات و الضمانات أو المعاملات الفاسدة و نحو ذلك من موجبات شغل الذمّة، و مع ذلك يعدّون عرفاً من الأغنياء بل الأثرياء، فلا تضادّ و لا تعاند بين الغنى و بين الدين بوجه.
لكن هذا يختصّ بالغنى الناشئ من غير ناحية الدين و الذي لم يكن مسبّباً عنه، كمن كانت له مزرعة أو حرفة تفي بقوت سنته و معيشة عائلته، فإنّه ما لم يصرفها في سدّ الدين غنيٌّ شرعاً بل و عرفاً أحياناً حسبما عرفت.
و أمّا الناشئ عن الدين نفسه و المتسبّب عنه الذي هو محلّ الكلام في المقام، كمن كانت مئونة سنته مائتي دينار و لم تكن له حرفة و لا مال فاستدانها في أوّل السنة، فإنّه لا ينبغي التأمّل في عدم خروجه عن عنوان الفقر بمجرّد هذه الاستدانة، فإنّها لا تستوجب انقلاب الموضوع بعد أن كانت الحاجة لا تزال باقية و إن كان مالكاً لقوت السنة، إذ أنّ هذه الملكيّة نشأت من نفس الدين لا غير فهو متّصف بالفقر لاحقاً كما كان كذلك سابقاً و إن تغيّرت جهة الفقر و تبدّل بلون آخر.
و عليه، فلا مانع من احتساب الزكاة عليه بعد حلول الحول ما دام الدين