لكن الدعوى موهونة، لذهاب جمّ غفير من الفقهاء إلى الجواز و منهم نفس الحاكي للإجماع أعني: العلّامة في المختلف و المنتهى {2} بل نسب ذلك إلى المشهور بين المتأخّرين.
نعم، لا يبعد أن يكون المشهور بين المتقدّمين هو المنع.
و كيفما كان، فيستدلّ لعدم الجواز تارةً بالإجماع. و قد عرفت ما فيه.
و أُخرى: بأنّ النقل معرّض للخطر من ضياع أو سرقة و نحوهما، فلا يجوز.
و فيه: أنّ النقل بمجرّده لا يلازم الخطر، بل ربّما يكون الحفظ متوقّفاً عليه فيجب، فإنّ المالك أمين على الزكاة و يجب عليه حفظ الأمانة عن المخاطرة، سواء أ كانت في السفر أم في الحضر، فإن كان الخطر في النقل لم يجز و لا يسوغه الضمان، فإنّ تعريض الأمانة للمخاطرة غير جائز في نفسه و إن تعهّد ضمانها، و إن كان في البقاء لم يجز البقاء أيضا.
و بالجملة: بين النقل و الخطر عموم من وجه و لا ملازمة بينهما، فلا يصحّ الاستدلال بما هو أخصّ من المدّعى.
و ثالثةً: بأنّ النقل ينافي الفوريّة الواجبة في دفع الزكاة.
و يردّه: منع الفوريّة أوّلًا، بل يظهر من بعض الأدلّة جواز التأخير شهراً أو أكثر كما تقدّم.
و ثانياً: أنّ النقل لا يلازم التأخير، كيف؟! و ربّما يكون الإيصال إلى المستحقّ أسرع من الأداء في البلد، كما لو كانت الزكاة خارج البلدة الكبيرة و كان إيصالها إلى بعض القرى القريبة أسرع من إيصالها إلى من هو في أواسط البلدة أو