الأنسب.
و كيف ما كان، فالحكم في الجملة ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف، وإن اختلفت كلماتهم في كيفية التعبير عن هذا الشرط.
فالمشهور عبّروا بأن لا يكون سفره أكثر من حضره، وعبّر جمع آخرون بأن لا
يكون كثير السفر، ولعلّ المراد منهما واحد، وإن كان التعبير الثاني أولى
كما لا يخفى.
و عبّر غير واحد ومنهم الماتن بأن لا يكون السفر عملاً له، وهذا التعبير هو المطابق للنص وهو الصحيح المتقدّم.
و أمّا كثرة السفر فلم ترد في شيء من النصوص، وبين العنوانين عموم من وجه،
إذ قد يكثر السفر للزيارة أو السياحة ونحوهما من غير أن يتّخذه عملاً له،
وربّما يكون عملاً ولكنّه يقلّ لاختصاصه بوقت خاص كفصل الربيع مثلاً وقد
يجتمعان كما لو كان السفر عمله طول السنة.
فالتعبير الأخير موافق للتعليل الوارد في صحيحة زرارة المتقدّمة، المنطبق
على العناوين الأربعة المذكورة فيها من المكاري والكري والراعي والاشتقان
فانّ السفر عمل لهؤلاء وشغل لهم على تأمل في بعضها كما سيأتي.
أمّا المكاري فهو الذي يكري دابته للسفر، وأمّا الكري فهو الذي يكري نفسه
للخدمة في السفر إمّا لشخص المكاري لأجل إصلاح دابّته ونحوها، ويكون بمثابة
الصانع لسائق السيارة في يومنا هذا، أو لسائر المسافرين للقيام بحوائجهم
في الطريق.
و أمّا الاشتقان فقد فسّره الصدوق بالبريد. ولم يعرف له وجه وإن ورد ذلك في مرفوعة ابن أبي عمير{1}، إذ مضافاً إلى ضعف السند لم يتّضح كون التفسير