و قد يجمع بينهما أيضاً: بالحمل على التقية، لموافقتهما لمذهب العامة{1}. و فيه: أنّ الترجيح بمخالفة العامة فرع استقرار المعارضة، ولا تعارض بعد إمكان الجمع الدلالي{2}و التوفيق العرفي بالحمل على الاستحباب كما عرفت، فلا تصل النوبة إلى الحمل على التقية. و قد يقال أيضاً: بأنّهما مخالفتان للإجماع، فتطرحان لعدم كونهما حجة حينئذ فلا تصلحان للمعارضة مع هذه الصحيحة.
و يدفعه: أنّ جمعاً من القدماء وجملة من المتأخرين ذهبوا إلى عدم وجوب السورة كما مرّ وستعرف، ومعه كيف يمكن دعوى الإجماع.
فالإنصاف: أنّ دلالة الصحيحتين على عدم الوجوب كسندهما قوية. و منها: صحيحة محمد بن إسماعيل المتقدمة في أدلّة القائلين بالوجوب{3}و
قد عرفت أنّها على عدم الوجوب أدلّ، وأنّ ما حكاه صاحب الوسائل عن بعض
المحققين في الدلالة على الوجوب غير صحيح، لعدم صلاحية السورة للمزاحمة مع
القيام عند الدوران، بل مفاد الصحيحة أنّه يصلي على الراحلة مع الخوف،
وإلّا فعلى الأرض، وعلى التقديرين فالصلاة مع السورة أحب، والتعبير
بكلمة«أحب» كالصريح في الاستحباب كما مرّ{4}.
{2}ضابط هذا الجمع على ما تكرر منه(دام
ظله)كون الدليلين بحيث لو اجتمعا في لسان واحد وأُلقيا على العرف لم يبق
أهله متحيّراً، بل جعل أحدهما قرينة على التصرّف في الآخر، كما في قوله:
افعل مع قوله: لا بأس بتركه، وليس المقام كذلك، فانّ مفاد أحد الدليلين
ثبوت البأس والآخر نفيه، وهما متهافتان عرفاً، على أنّ نتيجة هذا الجمع
كراهة الاقتصار على الحمد لا استحباب السورة.
{3}الوسائل 6: 43/ أبواب القراءة في الصلاة ب 4 ح 1.