و هو كما ترى وجه اعتباري لا يصلح مدركاً لحكم شرعي، وقد عرفت النقاش في قاعدة الميسور من الوجوه الثلاثة، فالأقوى عدم الوجوب. و قد يقال: بوجوبه رعاية للجلوس الواجب بين
السجدتين، فانّ سقوطهما بالتعذّر الموجب للانتقال إلى الإيماء لا يستدعي
سقوط الجلوس الواجب بينهما بعد فرض القدرة عليه. و فيه أوّلاً: أنّ إطلاقات أدلّة الإيماء دافعة
لهذا الاحتمال، إذ مقتضاها أنّ وظيفة العاجز عن السجود إنّما هو الإيماء
ليس إلّا، سواء تمكن من الجلوس بين السجدتين أم لا، فعدم التقييد بذلك مع
كونه(عليه السلام)في مقام بيان الوظيفة الفعلية يدفع احتمال وجوبه. و ثانياً: أنّ الجلوس بين السجدتين ليس واجباً مستقلا، وإنّما هو بيان لحد رفع الرأس عن السجدة ردّاً لما زعمه أبو حنيفة{1}من
كفاية مجرد الرفع كيف ما اتفق ولو بمقدار يسير يمكن إدخال شيء فيما بين
الجبهة والمسجد ولو بمقدار إصبع أو أقل، بل قد ذهب إلى عدم وجوب الرفع
أصلاً، كما لو حفر وهو في حال السجدة حفيرة فوضع جبهته فيها، وأنّ هذا
المقدار كاف في صدق التعدّد فاُشير في هذه الأخبار إلى عدم الكفاية وبطلان
هذه المقالة، وأنّ الحدّ الشرعي لرفع الرأس الموجب لتعدّد السجدة إنّما هو
البلوغ حدّ الجلوس، وعليه فالجلوس إنّما يجب في فرض وجوب السجود، وأمّا مع
سقوطه لتعذّره والانتقال إلى بدله وهو الإيماء، فلا موضوع لوجوب الجلوس، بل
هو ساقط قطعاً، فلا وجه لمراعاته.