العوض ما لم يضر بحاله(1)و أما إذا كان مضرّاً بحاله فلا
_______________________________
يتخيّل أنه شيء زهيد فلا يقابل بالمال الكثير لكن الصحيحة دلتنا على أنه
شيء كثير لأنه بتنقيح المناط يستفاد أن ما يبذل بإزائه المال إذا كان وصلة
إلى الوضوء المأمور به شيء كثير وإن كان غير الماء.
نعم لا يمكننا التعدي إلى ما إذا كان له مال كثير لو ذهب لتحصيل الماء أخذه
اللص أو ذهب هدراً، فلا يجب عليه الذهاب لتحصيله لاستلزامه الضرر عليه،
وليس في مقابله شيء ليقال إنه كثير.
و كذا الحال فيما إذا كان له عباءة أو ثوب يسوى قيمة معتداً بها لا يمكنه
الحصول على الماء إلّا بشقه وجعله دلواً، فإنه ضرر مالي ليس واجباً على
المكلفين ولا تشمله الصحيحة لأنه ليس من الشراء في شيء.
و لو فرضنا أنه متمكن من الشراء ولو بأضعاف قيمته إلّا أنه مديون لشخص لا
يتمكن من أداء دينه علماً أو ظنا على تقدير شرائه الماء لم يجب عليه
الشراء، لأنه إتلاف لحق الدائن وهو حرام، والصحيحة إنما دلّت على أن المال
المبذول بإزاء ماء الوضوء لا يذهب هدراً فإنه شيء كثير أيضاً، ولا دلالة
لها على جواز إتلاف حقوق الناس. إذا كان شراء الماء حرجيّا(1)أي ما دام لم يكن بذل الماء الكثير بإزاء ماء الوضوء حرجياً في حقه،
كما لو كان متمكناً من بذل أضعاف قيمة الماء إلّا أنه لو بذله لم يتمكّن من
إعاشة نفسه وعياله فلا يمكنه إدارتهم فيقع في العسر والحرج وهما منفيان في
الشريعة المقدّسة.
و هذا هو مراد الفقهاء بقولهم: ما لم يضر بحاله، بعد العلم بأن الشراء ضرر
مالي على كل حال إلّا أنه إذا كان زائداً على الضرر المالي حرجاً عليه لا
يجب شراؤه عليه.
و لا فرق في الحرج بين الفعلي منه والاستقبالي كما لو كان عنده مال ليس مورداً