نام کتاب : التسميات بين التسامح العلويّ والتوظيف الأمويّ نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 1 صفحه : 58
أنّ الاستشهاد بمثل هذا على المحبة يحتاج إلى دليل ـ كما في تصريح ابن عبّاس بأ نّه لا يسبق بتسميته عليّاً (عليه السلام) ـ وهو مفقود في نص ابن شبة الآنف ، بل العكس هو الصحيح .
لأنّ الإمام علي بن أبي طالب ـ في هذا النص ـ يعترف بحقّ التسمية للأب ، ولا يريد مزايدة ابن عباس عليه ، فيقول له : ما سمّيته ؟ وهنا يأتي دور ابن عباس المحبّ ليقول للإمام : ( أَوَ يجوز لي أن أسمِّيه حتّى تسمِّيه ) ؟!
وهذا النص يختلف تماماً عن نص ابن شبّة النميري ، والذي فيه طلب عمر من علي تسمية ولده ابتداءً ودون سابق سؤال ، بقوله : ( هب لي اسمه ، قلت : نعم ، فقال : قد سمّيته باسمي ونحلته غلامي موركاً )[1] .
إنّ سكوت الإمام ، وعدم مخالفته مع طلب عمر يرجع للظروف التي كان يعيشها آنذاك ، فهو(عليه السلام) أَخبر عُمَرَ عَرَضاً بما ولد له ، ولم يطلب منه التسمية ; إذ لا نراه يقول : أنا جئتك لتسمِّيه ، وأمثال ذلك ، بل إنّ قبوله بتسمية ابنه بـ ( عمر ) ليوحي بأ نَّه لم يكن للمحبة ; لأنّ دلالات المحبة غير ذلك .
فلو أُريد الاستدلال بنصّ ابن شبة على المحبّة ، فلابدّ من التأكيد على المؤشّرات الظاهرة والخفية فيه ، إذ النصّ يشير إلى غير ذلك ، لأنّ الإمام كان يريد أن يحكي ولادة مولود له من زوجته صهباء التغلبية المسبية من اليمامة أو عين التمر ، وليس فيه أكثر من هذا ، و إنّ استجابته بقوله : ( نعم ) ، لا يعني قبول الإمام بهذا الاسم وأ نّه كان عن رضى وطيب خاطر ، بل قد يكون مُحْرَجاً حينما سمع بطلب عمر أن يهبه تسمية الغلام ، كما هو ظاهر الخبر .
و إنّ قوله : ( نعم ) ، يختلف عن قوله : كيف لي أن أسمّيه وأنت فينا ، أو : أَوَ يجوز لي أن أسمّيه حتّى تسمِّيه ، ألم يكن على الإمام أن يقول كما قال ذلك الرجل