رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اشرأبَّ[1] النفاق ، وارتدّت العرب ، وانحازت الأنصار ، فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لَهاضَـها[2] ، فما اختلفوا بنقطة إلاّ طار أبي بغنائها وفصلها ; قالوا : أين يُدفن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ فما وجدنا عند أحد من ذلك علماً ; فقال أبو بكر : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : ما من نبيّ يُقبض إلاّ دُفن تحت مضجعه الذي مات فيه .
واختلفوا في ميراثه ، فما وجدوا عند أحد من ذلك علماً ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : إنّا معاشر الأنبياء لا نورَث ما تركناه صدقـة " .
ونقله ابن حجر في " الصواعـق "[3] عن هؤلاء الجماعـة .
ويدلّ ـ أيضاً ـ على تفـرّد أبي بكر ، ما رواه أحمد في " مسـنده "[4] ، عن عمر ، قال في جملة كلامه : " حدّثني أبو بكر ـ وحلف بأنّه لصادق ـ أنّـه سمع النبيّ يقول : إنّ النبيّ لا يورَث ، وإنّما ميراثه في فقراء المسلمين والمساكين " .
وقال ابن أبي الحـديد[5] : " أكـثر الروايات أنّه لم يروِ هذا الخبر إلاّ أبو بكر وحدَه ، ذكر ذلك معظم المحدّثين ، حتّى إنّ الفقهاء أطبقوا على
[1] اشْـرَأَبَّ الرجلُ للشيء وإلى الشيء : مَـدَّ عُـنُـقَـه إليه ، وقيل : هو إذا ارتفع وعـلا ; انظر : لسان العرب 7 / 69 مادّة " شرب " .
والمعنى هنا كناية عن ظهور النفاق بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واسـتيلائه على الأُمـور .