والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فتح بني النضير في سـنة أربع[1] ، وفدك في سـنة سـبع[2] .
على أنّ عمر لم يردّ شيئاً من فدك وسهم بني النضير ، وإنّما زعموا أنّه ردّ صدقته بالمدينة ، كما سبق في حديث البخاري ومسلم وأحمد[3] .
لكنّ الظاهر أنّ الخصم أخذ دعوى ردّ عمر لسهم بني النضير من الخبر المشتمل على منازعة أمير المؤمنين والعبّـاس ، فإنّه دالٌّ على ذلك ، فيتناقض مع ما دلّ على أنّـه إنّما ردّ صدقته بالمدينة !
فقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ ما بيّنه الخصم في تاريخ فدك ، جهلٌ في كذب !
وهل هو أعلم بحقيقتها من الطاهـرة العالمـة ؟ !
وأمّا ما يظهر منه من التشكيك في دعوى فاطمـة (عليها السلام) ، فمن الغـرائب !
ليت شـعري ، إذا لم تـدّع أحدهما ، فما هذا الذي وقـع بينها وبين أبي بكر ، ممّا ملأ العالم ذِكـرُه ، وشـوّه وجه التاريخ أمـرُه ؟ !
ولنتكلّم في الدعويين :
أمّا دعوى الإرث ، فقد اشتملت عليها صحاح أخبارهم ، وقد سمعت بعضها ، ولشهرتها ووضوحها لا نحتاج إلى تطويل الكلام بإثباتها ، ولمّا ادّعت الميراث ، ردّها أبو بكر بالحديث الذي رواه ، فكـذّبته وقالت من خطبة طويلة : " يا بن أبي قحافة ! أترث أباك ولا أرث أبي ؟ ! لقد
[1] انظر مثـلا : تاريخ الطبري 2 / 83 ، الكامل في التاريخ 2 / 64 .
[2] انظر مثـلا : تاريخ الطبري 2 / 138 ، الكامل في التاريخ 2 / 102 .