هـذا ، ومن العجيـب إشـارة عمر على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بحسـب ما رواه القوم ـ أن يمكّن من العبّـاسِ حمزةَ ومن عقيل عليّـاً[1] ، والحال أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن قتل العبّـاس خاصّـة وبني هاشم عامّـة ـ كما في تاريخَي الطبري وابن الأثير وغيرهما[2] ـ ; لأنّهم أُخرجوا كرهاً ، وكان بعضهـم من المسـلمين ; فإنّ هـذا من أعظـم الصـلافة وأشـدّ المخالفـة للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكبر الإيذاء له ، مع أنّـه أمر بما نهى الله عنه من قتل المسـلمين !
وأمّا ما ذكره من موافقة عمر لأبي بكر في الجهاد ، وأنّه فتح الفتوح بعده ، فمسلّم ، لكن تلك الفتوح ناشئةٌ ممّا عوّدهم عليه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجهاد والفتوح والغنائم ، ومتفرّعة عن بشارته يوم الخندق بفتح بلاد كسرى وقيصر[3] ، وكلُّ أحد لو ولي بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وعلم تلك البشارة ـ لقام بما قاموا به .
ولو سُلّم أنّهم فتحوا تلك الفتوح بتدبيرهم وحزمهم ، فإنّما يكون مدحاً إذا كان لله تعالى ، لا للإمرة والسلطان ، وهو محلّ نظر !
[1] انظر : صحيح مسلم 5 / 157 ، مسند أحمد 1 / 31 و 32 ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7 / 141 ـ 142 ح 4773 ، مسند أبي عوانة 4 / 254 ـ 256 ح 6692 ، مصنّف ابن أبي شيبة 8 / 474 ح 32 ، مسند عبـد بن حميد : 41 ح 31 ، تفسير ابن أبي حاتم 5 / 1730 ـ 1731 ح 9150 ، تفسير الطبري 6 / 287 ـ 288 ح 16308 ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 3 / 137 ، تفسير الثعلبي 4 / 371 .
[2] انظر : تاريخ الطبري 2 / 34 ، الكامل في التاريخ 2 / 25 ، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ 3 / 177 ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : 173 ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 3 / 140 .
[3] تاريخ الطبري 2 / 92 حوادث سنة 5 هـ ، الكامل في التاريخ 2 / 71 ، البداية والنهاية 4 / 81 ـ 82 .