وحينئذ ; فالمراد بما أخذوه في قوله تعالى : { لمسّكم فيما أخذتُم عذاب عظيم}[1] ، هو اتّخاذهم للأسرى بدون إذن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ; طلباً لعـرض الدنيا .
وبالجملة : لا بأس على رسول الله في أصل الأسر ; لأنّه من دون إذنه ، ولا في أخذ الفداء ; لأنّـه برخصة الله تعالى .
فما زعمه الفضل من نزول الآية توبيخاً للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ظلمٌ له ، وكذبٌ على الله عزّ وجلّ .
ولعلّ سـببه ما قاله لهم عمر مِن موافقة الله له ، ومخالفته للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)في أمر الأسرى .
ويكـذِّبُه ـ بعد امتناع أن يسـتبيحَ النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أمراً ويقولَ من غير وحي ـ ما رواه الطبري في " تاريخـه "[2] ، عن محمّـد بن إسحاق ، قال : " لمّـا نزلت هـذه الآيـة { مـا كان لنبـيّ أن يكون له أسـرى} ، قـال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لو نزل عذاب من السماء لم ينجُ إلاّ سعد بن معاذ ; لقوله : يا نبيّ الله ! كان الإثخانُ في القتل أحبَّ إليَّ من اسـتبقاء الرجال " .
وهو قد قال ذلك ـ كما في رواية الطبري[3] ـ لمّا رأى المسلمين يأسرون المشركين ، وهو على باب العريـش .
وإنّمـا جعلنـاه مكـذّباً لدعـوى عمر ; لأنّـه لو كان مـمّن يريد قتـلهم ـ كما زعمه ـ لاسـتُـثني مع سعد في رواية ابن إسـحاق .