الشيخين ـ المذكور في حديث مسلم ـ ، إنّما هو لتخذيلهما عن حرب النفير ; لا لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد جواب الأنصار .
كما يشهد له سرورُه بكلام المقداد ـ وهو ليس من الأنصار ـ حتّى أشرق وجه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله .
وقال ابن مسعود : " لأنْ أكون صاحبَه أحبُّ إليَّ ممّا عُدِل به " ، كما رواه البخاري[1] .
فقـد ظهـر أنّ قولـه تعـالى : { ما كان لنبـيّ أن يكون لـه أسرى . . .}[2] الآية ، إنّما هو تقريع لعمر وكلّ مَن أراد العِيرَ ، وأسرَ مَن فيها ، ومجانبة النفيـر .
فالآية قريبة من الآية التي سبقت عليها بأوّل السورة وهي قوله تعالى : { وإذْ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنّها لكم وتودّون أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم . . .}[3] الآية .
ولو سُـلّم أنّ قـوله تعـالى : { مـا كان لنبيّ} الآية ، توبيـخ على الأسـر في حـرب النفيـر ، بناءً على أنّـه قبل الإثخان في الأرض ، فلا ريب أنّـه لا بأس على النبيّ فيه ; لأنّـه ليـس بإذنه ، بل فعله المسلمون من تلقاء أنفسهم طلباً لعرض الدنيا ، وإنّما أجاز لهم الله ورسوله أخذ الفداء تأليفاً لهم ـ حيث رغبوا فيه ـ ، ورعايةً للمصلحة الوقتـيّـة .
[1] في أوّل الجزء الثالث ، في باب قول الله تعالى ( إذ تسـتغيثون ربّـكم ) . . الآية [5 / 180 ح 4] . منـه (قدس سره) .