فكان هذا البيـان لفضلها مع ذلك الإخفـاء عنها ، سـبباً لاختـلاف أُمّـته والعـداوة بينهم إلى الأبـد ; لأنّـهم بين ناصر لها وقاطـع بصوابـها ، وبين ناصر لأبي بكر وراض بعمله .
وكيف يُتصوّر أن يُخفيَ هذا الحكم عن أخيه[1] ، ونفسه[2] ، وباب مدينة عِلمه[3] ، ومَن عندَه عِلم الكـتاب[4] ، ويُظهره لغيـره[5] ؟ !
ليت شعري ! ألم تكن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رأفةٌ على بضعته فيعلمها حكمها ويصونها عن الخروج إلى المحافل مطالبة بما لا تسـتحقّ ، وتعود بالفشل راغمةً مهضومة ؟ !
ما أظنّ مؤمناً برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، عارفاً بشأنه ، يلتزم بصحّـة هذا
[1] راجـع مبحث حديث المؤاخـاة في : ج 6 / 122 ـ 132 ، من هذا الكـتاب .
[2] تقـدّمت الإشارة إلى ذلك في الصفحـة 99 هـ 4 ; فراجـع !
[3] راجـع مبحث حديث مدينة العلم في : ج 6 / 171 ـ 181 ، من هذا الكـتاب .
راجع مبحث الآية الكريمة في : ج 5 / 115 ـ 119 ، من هذا الكـتاب .
[5] قال الفخر الرازي في هذا المضمون ما نصّـه : " إنّ المحتاج إلى معرفة هذه المسألة ما كان إلاّ فاطمة وعليّ والعبّـاس ، وهؤلاء كانوا من أكابر الزهّـاد والعلماء وأهل الدين ، وأمّا أبو بكر فإنّـه ما كان محتاجاً إلى معرفة هذه المسألة ألبتّـة ; لأنّـه ما كان ممّن يخطر بباله أنّـه يرث من الرسول عليه الصلاة والسلام ، فكيف يليق بالرسـول عليه الصـلاة والسـلام أن يبلّـغ هذه المسـألة إلى مَـن لا حاجة به إليهـا ولا يبلّغها إلى مَن له إلى معرفـتها أشـدّ الحاجـة ؟ ! " .
انظر : تفسـير الفخر الرازي 9 / 218 في تفسـير قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للـذَّكر مثل حظّ الأُنـثيـين ) .