وأمّـا ما أجاب به عن السـؤال بقوله : " فإن قيـل : لا بُـدّ لكم من بيـان حجّـيّـة هذا الحـديث ، ومن بيان ترجيحه على الآيـة " . .
ففيه : إنّ دعوى الحكومة لأبي بكر في المقام خطأٌ ; فإنّه خصم بحت ; لاسـتحقاقه لهذه الصدقة ، وإنْ فُرض غناه ; لأنّها من الصدقات بالمعنى الأعمّ الذي ادّعاه الخصم .
بل أبو بكر أظهر النـاس خصومـةً ; لأنّـه يزعـم أنّ أمـر صدقـات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) راجعٌ إلى وليّ الأمر بعده ، وأنّـه ولـيّـه .
وليت شـعري لِـمَ صار أمير المؤمنين (عليه السلام) خصماً لليهودي في الروايـة التي ذكرها الفضل ورجـع إلى شريح ، وصار أبو بكر هو الحَـكَم في ما ادّعاه على الزكـيّـة الطاهـرة ؟ !
ولو سُلّم أنّ له الحكومة وإنْ كان خصماً ، فالحديث الذي اسـتند إليه في الحكم عليها ليـس قطعيّ الدلالة ; لاحتمال أن يريـد به النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنّـا لا نترك شـيئاً من المال يبقى بعدنا لورثـتنا[1] ، بل نصرفه في وجوه البـرّ ; إذ ليـس من شـأننا جمع المال كالملوك ، وما نتركه بعدنـا إنّمـا هو مـن مال الصدقـات التي لنا الولاية عليها .
وحينئـذ لـو اتّـفق بقـاء مـال يملكـه النبيّ لسـبب يُرجّـح بقـاءه[2] ، لا يمتنع أن يكون إرثـاً لورثـتـه .
[1] ويؤيّـده ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّـه قال ـ في حديث ـ : " وذاك أنّ الأنبياء لم يورِّثوا درهماً ولا ديناراً . . . " .
انظر : الكافي 1 / 32 ح 2 باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء .
[2] كالأشـياء التي يحتاج إليها إلى آخر عمره الشريف ; كالثياب والسلاح والدابّـة ، ونحو ذلك .