نام کتاب : العلاّمة البلاغي رجل العلم والجهاد نویسنده : الحسّون، محمد جلد : 1 صفحه : 71
والهيئات ؟
وقد شاهدنا في سوق سامرّاء ملح طعام مؤلّف من قطع صغار ، هي كأظرف ما يكون من أوضاع الأواني الزجاجيّة بأشكال هندسيّة متناسبة ، المقعّر والمحدّب في السمك والوضع ، تكون مثمّنة ومسدّسة وغيرها ، وربما يتدرّج تقعيرها وتحديبها بدرجات متناسبة محفوظة الوضع .
إذاً فمن أين علم الناس أنّ هذه القطع التي وجدت في الحفريّات هي آلات صنعها الإنسان لأجل غايات مقصودة له ؟ هل رأى أحدٌ ذلك بعينه ؟ هل رآها بخصوصها مستعملة في تلك الهيئات ؟ أوَ ليست هذه الدعوى مثل دعوى تحوّل الأنواع ، لا حجّة لها إلاّ التخمين ؟ ! [1]
الرابعة :
قال :
أينَ أنت عن التعليل بواجب الوجود العليم الحكيم ؟ ماذا يصدّك عنه ؟
إذا صدقت النظر في شأن مولود الحيوان رأيت العجب ، وعرفت أنّ له مدرّساً رؤوفاً عالماً ، يعرّفه كيف يسلك في طريق الحياة الجديدة الذي لم يره قبل
ذلك ولم يعرفه . فترى المولود حين خروجه من بطن أُمّه كأ نّه تلميذ أكمل
دروسه وتلقّى علمه وأدّى امتحانه ، وصارت له نوبة العمل في أعمال معيشته ولوازم حياته .
قد كان في الرحم ولم يألف في حياته هناك إلاّ ظلمات وأحشاء ، ومشيمة
تبعث إليه من الحبل السرّي غذاءه ، وتأخذ فضوله من دون طلب منه ولا سعي في أمره . لم يعرف تغذّياً بفم ، ولا غذاءً من ثدي ، ولا طلباً للمعيشة ،
ولا سعياً للرزق ، ولم يعرف أُمّاً ولم يألف لها حناناً ، فتراه في أوّل ولادته ينادي بطلب غذائه ويسعى جهد قدرته في معيشته .
فترى طفل الإنسان إذا وضعته أُمّه على الثدي أوّل مرّة يحاول الامتصاص ، ويدير فمه على الثدي باستعجال يطلب طريق رزقه ، فكأ نّه قد ألفه دهراً ، وقضى في لذّته وطراً ، وأنس