نام کتاب : معراج الهداية نویسنده : سعيد يعقوب جلد : 1 صفحه : 56
صلابة الجدار الذي
شيّد فيما بين الثبات على نمط أخذ شكل التقديس ، وبات معه التغيير أمر في غاية
التعقيد والصعوبة ، وما بين تطلع الذات وطموحها الذي تصعب الإحاطة النهائية به ،
ويصعب حصره.
وهذا الجدار من الصلابة بحيث يستمر مع
الأجيال تتوارثه وتقدسه ، وكلما أوغل في القدم كلما ازدادت قسوته وقوته ، وازدادت
صعوبة اختراقه ، ويقول القرآن الكريم على لسان أنصار هذا الجدار : (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم
مقتدون)[١].
ونعتقد بصدد عدم الخروج عما يورثه
الآباء للأبناء ، وبالخصوص في مسألة العقائد والقيم التي تعتنقها الفئات
والمجتمعات أحياناً ، أنّها تبلغ مع التقادم من الرسوخ ما يجعل صاحبها غاضاً بصره
عن أي مناقشة تؤثر في بنيتها ، خصوصاً إذا كان ثمة سؤال يحفر في أعماقها ، ويصل مع
هذا الغض إلى الانغلاق أمام أية مكاشفة محتملة ، بل ويشكل حاجزاً دفاعياً غير قابل
للتسامح أو الأخذ والرد ، لماذا ..؟ لأن هذا الكائن البشري ما عاد يصغي إلى ندائه
الداخلي ، وبالتالي فقد أراح نفسه من مشقة البحث وعناء التطلع إلى ما يمكن أن ينشئ
جسراً أكثر حيوية وواقعية ، بين واقعه وبين ما تصبوا إليه