ثُمّ لُفّت هذه الراية خمساً وعشرين سنة، ونشرها أمير المؤمنين يوم (الجمل)، وأعطاها لولده محمّد ابن الحنفية وقال له: هذه راية رسول اللّه لا تردّ قطّ، فزحف بها ابن حيدرة والجيش خلفه وقيس بن سعد بن عبادة يقول[1]:
هذا اللواء الذي كنّا نحفّ به
مع النّبي وجبريل لنا مددا
ما ضرّ من كانت الأنصار عيبته
أن لا يكون له من غيرها أحدا
قوم إذا حاربوا طالت أكفّهم
بالمشرفيّة حتّى يفتحوا البلدا
وأدّى شبل علي (عليه السلام) حقّها حتّى كان الفتح، كما أنّها كانت معه يوم النهروان.
أمّا يوم صفّين فكانت راية الهمدانيين مع سفيان بن يزيد، فلمّا قُتل أخذها أخوه عبيد، ثُمّ أخوه كرب، ثُمّ عمير بن بشير، ثُمّ الحرث بن بشير، ثُمّ وهب بن كرب، وكُلّهم قتلوا دونها[2].
وفي هذا اليوم الباهر كان لحملة الرايات من أهل العراق المقام المشكور، حتّى تضعضع من أقدامهم عرش معاوية لولا القضاء وإبرام المحتوم.
[1]كتاب الجمل للشيخ المفيد: 165، ويظهر من مناقب الخوارزمي: 195، وقد أشار إلى هذه الأبيات وأنها قيلت في صفّين كلّ من: أُسد الغابة 4: 216، الوافي بالوفيات 24: 213، كتاب الفتوح لابن أعثم 3: 161 [2]تاريخ الطبري 4: 14، رجال الطوسي: 67، خلاصة الأقوال للحلّي: 159، رجال ابن داود: 104، نقد الرجال للتفرشي 2: 338، وقعة صفين للمنقري: 252، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 5: 201، واسم أبي سفيان لم يحدد بيزيد بل اختلف بين كونه زيد أو يزيد كما في المصادر المتقدمة.