وفي يوم خيبر لمّا شاهد النّبي خور المسلمين وضعفهم وانتصار اليهود، لانكسار (الرجلين) في اليوم الأوّل والثاني، ساءه ذلك فقال: " لأعطينّ الراية غداً رجلاً يُحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله "، فاستطالت لها أعناق الرجال رجاءً أن يُدعوا لها، فيحظون بالفتح والسعادة الخالدة.
فأتاه الوصيُّ أرمدَ عين
فسقاها من ريقه فشفاها
ومضى يطلب الصفوف فولّت
عنه علماً بأنّه أمضاها
وبرى مرحباً بكفّ اقتدار
أقوياء الأقدار من ضعفاها
ودحى بابها بقوّة بأس
لو حمتها الأفلاك منه دحاها
وأمّا يوم حنين فلم يلق المسلمون أشدّ منه، فلقد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وبلغت القلوب الحناجر، وعاتبهم اللّه على فرارهم عن حبيبه وخاتم رسله، ولكن ظهرت في هذا اليوم عظمة (صاحب الراية)، ومكانته من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وموقفه من الدّين، ومبلغه من الدفاع، وثباته في وجه الخطوب حتّى تراجع المسلمون.
[1]تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 42: 76، تاريخ الطبري 2: 197، شرح إحقاق الحقّ للمرعشي 6: 157، وقد نقل المصادر التي ذكرت ذلك.