جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ فقال: ورائي، إني و اللّه قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط، و اللّه ما هو بالشعر و لا بالسحر و لا الكهانة، يا معشر قريش أطيعوني و اجعلوها بي، خلوا بين [1] هذا الرجل و بين ما هو فيه و اعتزلوه، فو اللّه ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تصيبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، و إن يظهر على العرب فملكه ملككم و عزه عزكم، و كنتم أسعد الناس به، قالوا: سحرك و اللّه يا أبا الوليد بلسانه، فقال: هذا رأي لكم فاصنعوا ما بدا لكم.
نا أحمد: نا يونس عن بن إسحاق قال: ثم إن الإسلام جعل يفشو بمكة حتى كثر في الرجال و النساء، و قريش تحبس من قدرت على حبسه، و تفتن من استطاعت فتنته من الناس، فقال أبو طالب يمدح عتبة بن ربيعة حين رد على أبي جهل، فقال: ما تنكر أن يكون محمد نبيا؟!
عجبت لحلم يا ابن شيبة* * * و أحلام أقوام لديك سخاف
يقولون شايع من أراد محمد* * * بسوء و قم في أمره بخلاف
فلا تركبن الدهر مني ظلامة* * * و أنت امرؤ من خير عبد مناف
و لا تتركنه ما حييت لمطمع* * * و كن رجلا ذا نجدة و عفاف
تدور العدى عن دورة هاشمية* * * ألا فهم في الناس خير آلاف
فإن له قربا لديك قريبة* * * و ليس بذي حلف و لا بمضاف [98]
و لكن من هاشم في صميمها* * * إلى أبحر فوق البحور صواف
و زاحم جميع الناس فيه و كن له* * * ظهيرا على الأعداء غير مجاف
فإن غضبت فيه قريش فقل لهم* * * : بني عمنا ما قومكم بضعاف
فما بالكم تغشون منا ظلامة* * * و ما بال أحلام هناك خفاف
و ما قومنا بالقوم يغشون ظلمنا* * * و ما نحن فيما ساءهم بخفاف
و لكنا أهل الحفاظ و النهى* * * و عز ببطحاء الحطيم مواف