يده حتى رجع إلى موضعه، فقال عند ذلك: يا معشر قريش لا تدخلوا فيها من كسبكم إلا طيبا، لا تدخلوا مهر بغي، و لا بيع ربا، و لا مظلمة لأحد من الناس، و أبو وهب خال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم)، و كان شريفا، و له يقول شاعر من العرب:
لو بأبي وهب أنخت مطيّتي* * * لرحت و راحت رحلها غير خائب
و أبيض من فرعي لؤي بن غالب* * * إذا حصّلت أنسابه للذوائب
أبيّ لأخذ الضيم يرتاح للندى* * * توسط جدّاه فروع الأطايب
عظيم رماد القدر يملأ جفانه* * * من الخبز يعلوهن مثل السبائب [1]
حدثنا أحمد: نا يونس عن ابن إسحاق قال: ثم تجزأت قريش الكعبة، فكان شق الباب لبني عبد مناف، و بني زهرة، و كان مما بين الركنين الأسود و الركن اليماني لبني مخزوم و تيم و قبائل من قريش ضموا إليهم، و كان ظاهرها لسهم و جمع، و كان شق الحجر، و هو الحطيم، لبني عبد الدار بن قصي، و لبنى أسد ابن عبد العزى بن قصي، و بني عدي بن كعب، ثم إن الناس هابوا هدمها، و فرقوا منه، فقال الوليد بن المغيرة: أنا أبوؤكم في هدمها، فأخذ المعول، فقام عليها، ثم قال: اللهم لا تردع، اللهم إنا لا نريد إلا الخير، ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس تلك الليلة و قالوا: ننظر ما ذا يصيبه، فإن أصيب لم نهدم منها شيئا و رددناها كما كانت، و إن لم يصبه شيء فقد رضي اللّه عز و جل ما صنعنا، فأصبح غاديا يهدم و هدم الناس معه فلما انتهى الهدم إلى أس الكعبة اتبعوه حتى انتهوا إلى [24] حجارة خضر كالأسنة آخذ بعضها بعضا.
حدثنا أحمد: نا يونس عن ابن إسحاق قال: حدثت أن رجالا من قريش ممن كان يهدمها قالوا أدخل رجل بين حجرين منها العثلة ليقلع إحداهما، فلما تحرك الحجر تنقضت مكة بأسرها، فهابوا عند ذلك تحريك ذلك الأس.
[1] انظر الشعر في الروض: 1/ 226 ففي الرواية بعض من الاختلاف.