الباب الثالث في معجزاته (صلّى اللّه عليه و سلّم) في عكة أم سليم و أم أوس البهزية و أم شريك الدوسية و نحي حمزة الأسلمي و أم مالك البهزية الأنصارية رضي اللّه عنهم.
روى أبو يعلى و الطبراني و أبو نعيم و ابن عساكر عن أم أنس رضي اللّه عنهما، قالت: كانت لنا شاة فجمعت من سمنها في عكّة فملأتها العكّة و بعثت بها مع الجارية فقالت: أبلغي هذه العكّة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقالت: يا رسول اللّه هذه عكة سمن بعثت بها إليك أمّ سليم، قال:
«فرّغوا لها عكّتها» ففرغت العكّة فدفعت إليها فانطلقت و جاءت أم سليم، فرأت العكّة ممتلئة تقطر فقالت أم سليم: أليس قد أمرتك أن تنطلقي بها إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقالت: قد فعلت فإن لم تصدّقيني فانطلقي فسلي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فانطلقت أم سليم، فقالت: يا رسول اللّه إني بعثت إليك بعكّة سمن قال: «قد فعلت جاءت بها»، قالت: و الذي بعثك بالهدى و دين الحقّ إنها للممتلئة تقطر سمنا فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «يا أمّ سليم أ تعجبين إن كان اللّه أطعمك كما أطعمت نبيه كلي و أطعمي»، فجاءت إلى البيت، ففتت لنا كذا و كذا و تركت فيها ما ائتدمنا شهرا أو شهرين [1].
قصة أخرى.
روى الطبراني و البيهقي عن أمّ أوس البهزيّة رضي اللّه عنها قالت: سليت سمنا لي فجعلته في عكة فأهديته إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقبله، و ترك في العكّة قليلا و نفخ فيه، و دعا بالبركة، ثم قال: «ردّوا عليها عكّتها» فردوها عليها و هي ممتلئة سمنا، قالت: فظننت أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) لم يقبلها فجاءت و لها صراخ فقالت: يا رسول اللّه إنما سلّيته لك لتأكله فعلم أنه قد استجيب له، فقال: «اذهبوا فقولوا لها لتأكل سمنها و تدعو بالبركة»،
فأكلت بقية عمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و ولاية أبي بكر و ولاية عمر و ولاية عثمان حتى كان من أمر عليّ و معاوية ما كان [2].
قصة أخرى.
روى البيهقي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال كانت امرأة من دوس يقال لها أمّ شريك أسلمت فأقبلت تطلب من يصحبها إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فلقيت رجلا من اليهود، فقال: تعالي
[1] المجمع (8/ 311) انظر البداية و النهاية 6/ 120 و أبو نعيم في الدلائل 148 و الكنز (35444).