الباب الثاني في تكثيره (صلّى اللّه عليه و سلّم) لبن الشاة
روى الإمام أحمد و أبو داود الطّيالسيّ و ابن سعد و الطبرانيّ عن ابنة خبّاب بن الأرثّ قالت: خرج خبّاب في سريّة فكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يتعاهدنا حتى كان يحلب عنزا لنا، فكان يحلبها في جفنة لنا فتمتلئ فلما قدم خبّاب حلبها، فعاد حلابها كما كان، فقالت أمي:
أفسدتّ علينا شاتنا، قال: و ما ذاك؟ قالت: إن كانت لتحلب ملء هذه الجفنة، قال: و من كان يحلبها؟ قالت: رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: و قد عدلتيني به؟ هو و اللّه أعظم بركة [1].
قصة أخرى.
روى البيهقيّ عن نضلة بن عمر و الغفاريّ أنه حلب لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) إناء فشرب ثم شرب نضلة فامتلأ، فقال: يا رسول اللّه، إني كنت لأشرب السقية فما أمتلئ، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «إنّ المؤمن ليشرب في معاء واحد، و إنّ الكافر ليشرب في سبعة أمعاء» [2].
قصة أخرى.
روى البيهقي عن أبي العالية قال: بعث النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) إلى أزواجه التّسع يطلب طعاما، و عنده ناس من أصحابه، فلم يوجد، فنظر إلى عناق في الدار ما نتجت [3] قطّ فمسح مكان الضّرع، قال: فدفعت بضرع مليء بين رجليها فدعى بقف فحلب فيه فبعث إلى أبياته بعثا ثم حلب فشرب و شربوا.
تنبيهان الأول: معنى قوله: إنّ الكافر ليشرب في سبعة أمعاء.
الثاني: في بيان غريب ما سبق:.
الجفنة: بجيم ففاء ساكنة فنون فتاء تأنيث [القصعة].
المعا: [هذا مثل ضربه للمؤمن و زهده في الدنيا و الكافر و حرصه عليها و ليس معناه كثرة الأكل دون الاتساع في الدنيا].