responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 414

أنّ سماعه حجّة عليه لم يقف أمره على سماعه و لا يكون حجّة و إلّا فهو معجزة.

و قال اللّه تعالى: و قالوا: لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ، قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ، وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ‌ [العنكبوت/ 50] أَ وَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى‌ عَلَيْهِمْ‌ [العنكبوت/ 51] فأخبر أنّ الكتاب آية من آياته كان في الدّلالة قائم مقام معجزات غيره، و آيات من سواه من الأنبياء و قد جاءهم به النّبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) إليهم، و كانوا أفصح الفصحاء و مصاقع الخطباء، و تحدّاهم على أن يأتوا بمثله، و أمهلهم طول السّنين، فلم يقدروا ثم تحداهم بعشر سور منه، ثم تحدّاهم بسورة، فلما عجزوا عن معارضته و الإتيان بسورة تشبهه على كثرة الخطباء فيهم و البلغاء نادى عليهم بإظهار العجز و إعجاز القرآن، هذا و هم الفصحاء الذين كانوا أحرص شي‌ء على إطفاء نوره، و إخفاء أمره، فلو كان في مقدرتهم معارضته لعدلوا إليها قطعا للحجّة، و لم ينقل عن أحد منهم أن حدّث نفسه بشي‌ء من ذلك و لا رامه بل عدلوا إلى العناد تارة و إلى الاستهزاء أخرى، فتارة قالوا: «سحر» للطافته، و تارة قالوا: «سحر» لحسن نظمه و فصاحته، و قال آخرون إنّه أساطير الأولين، لاستغرابهم معانيه، و قال آخرون: «قول الكهنة» لتحيّرهم فيه، كل ذلك من التحيّر و الانقطاع، ثم رضوا بتحكيم السيف في أعناقهم و سبي ذراريهم و حرمهم و استباحة أموالهم، و قد كانوا آنف شي‌ء و أشدّه حمية، فلو علموا أن الإتيان بمثله من قدرتهم لبادروا إليه، لأنّه كان أهون عليهم.

و قال بعض العلماء: الذي أورده (صلّى اللّه عليه و سلّم) على العرب من الكلام الذي أعجزهم عن الإتيان بمثله أعجب في الآية و أوضح في الدلالة من فلق البحر و إحياء الموتى و إبراء الأكمه، لأنّه أتى أهل البلاغة و أرباب الفصاحة و رواد البيان و المتقدمة في اللغز بكلام مفهوم المعنى و كان عجزهم عنه أعجب من عجز من شاهد عيسى (صلّى اللّه عليه و سلّم) عند إحياء الموتى لأنّهم كانوا لا يطمعون فيه، و لا في إبراء الأكمه و الأبرص و لا يتعاطون علمه، و قريش كانت تتعاطى الكلام الفصيح و البلاغة و الخطابة، و قال القاضي: معجزات الرسل كانت واردة على أيديهم بقدر أحوال أهل زمانهم، و كانت بحسب المعنى الذي علا و اشتهر فيه، فلما كان زمن موسى (صلّى اللّه عليه و سلّم) غاية علم أهل السّحر بعث إليهم بمعجزة تشبه ما يدعون قدرتهم عليه، فجاءهم على يديه (صلّى اللّه عليه و سلّم) منها ما خرق عادتهم من انقلاب العصا حيّة و اليد السمراء يدا بيضاء من غير سوء لم يكن ذلك المعجز في قدرتهم، و قد أبطل ما جاءهم منها بسحرهم، و كذلك زمن عيسى (صلّى اللّه عليه و سلّم) كان انتهاء ما كان عليه أهل الطب، و أوفر ما كان في أهله فجاءهم على يديه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أمر لا يقدرون عليه لاستحالة إتيانهم كغيرهم به و أتاهم بما لم يخطر لهم ببال من إحياء الموتى و إبراء الأكمه الذي ولد ممسوح العين و الأبرص، و هو الذي بيده بياض فكان يأتيه من أطاق‌

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 414
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست