responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 415

الإتيان، و من لم يطق ذهب به إليه فربما اجتمع عنده الألفان يظهر لهم ذلك، فيداويهم من دون معالجة، و ذلك بالدعاء، و هكذا سائر معجزات الأنبياء بقدر علم أهل زمانهم، فإن كان نبي مرسل إلى قومه بمعجزة من جنس ما عاينوه من علم و صناعة و غيرها. ثم بعث اللّه تعالى محمّدا (صلّى اللّه عليه و سلّم)، و جملة معارف العرب و علومها أربعة: البلاغة: و هي ملكة يبلغ بها المتكلّم من تأدية المعاني حدا يوزن بتوفيته خاصية كل تركيب حقّها.

و الشّعر: و هو كلام موزون مقفّى مراد به الوزن.

و الخبر و الكهانة: الخبر عن الكائنات و ادّعاء معرفة الأسرار كان متفشيا فأنزل اللّه سبحانه عليه القرآن الخارق لهذه الأربعة الفصول من أجل الفصاحة و الإيجاز و البلاغة الخارجة عن نوعه و طريقته، و كان العرب يتباهون بالفصاحة، و يتباهون في تحبير الشّعر و البلاغة، و كانوا أفصح الفصحاء و مصاقع الخطباء، فأنزله تعالى على نبيّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قرآنا عربيا مبينا يشتمل على مذاهب لغة العرب، فتلا عليهم كلاما متشابه الرصف متجانس الوصف، سهل الموضوع، عذب المسموع، خارجا عن موضوع القريض و الأسماع مستعذبا لأفهام الأسماع فلما سمعوه استبعدوه فقالوا فيه ما قالوا، فتحدّاهم على أن يأتوا بمثله فعجزوا، ثم تحدّاهم بعشر سور من مثله فعجزوا، ثمّ تحدّاهم بسورة من مثله، فآلوا عند العجز إلى القتل و القتال، و سبقوا العصور إلى الجحود و الجدال، فلمّا عدلوا عن معارضته التي لو تمّت كان يدل على كذبه إلى قتاله الذي لو تم موضعهم فيه لم يدلّ على كذبه كان الإعجاز باديا ظاهرا و عجزهم عن معارضته و انتحاله معلوم، فالقرآن أفضل المعجزات لبقائه بعد وفاة النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم)، و لم يبق معجز غيره بعد وفاته، آمنّا به، و لأن الأحكام الشرعيّة مستنبطة منه و لم تستنبط من معجز سواه، فالقرآن بحر لا تفنى عجائبه، و لا تنقضي غرائبه، و لو اجتمعت الإنس و الجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا و حكى أبو عبيد: أنّ أعرابيا سمع رجلا يقول‌ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر: 94] ضحك و قال: سجدت لفصاحة هذا الكلام، و سمع رجلا آخر يقرأ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا [يوسف: 80] فقال: أشهد أن مخلوقا لا يقدر على مثل هذا الكلام.

و حكى الأصمعي: أنّه سمع كلام جارية، و هي تقول: أستغفر اللّه من ذنوبي، فقلت لها:

لم تستغفرين، و لم يجر عليك القلم؟ قال: فقالت: أستغفر اللّه لذنبي كلّه: قتلت إنسانا لغير حلّه مثل غزال نائم في دلّه، انتصف اللّيل و لم أصلّه فقلت لها: لما ذا تبكي، ما أفصحك، فقالت: أو يعد هذا فصاحة، بعد قوله تعالى‌ وَ أَوْحَيْنا إِلى‌ أُمِّ مُوسى‌ أَنْ أَرْضِعِيهِ، فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ‌

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 415
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست