responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 379

ظهر بيت من بيوتنا. فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر اللَّه عزّ و جلّ منّا. قد ضاقت عليّ نفسي و ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول، بأعلى صوته: يا كعب بن مالك! أبشر. قال فخررت ساجدا. و عرفت أن قد جاء فرج.

قال فآذن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) النّاس بتوبة اللَّه علينا، حين صلّى صلاة الفجر، فذهب النّاس يبشّروننا. فذهب قبل صاحبيّ مبشّرون. و ركض رجل إليّ فرسا. و سعى ساع من أسلم قبلي.

و أوفى الجبل. فكان الصّوت أسرع من الفرس. فلمّا جاءني الّذي سمعت صوته يبشّرني.

فنزعت له ثوبيّ فكسوتهما إيّاه ببشارته. و اللَّه! ما أملك غيرهما يومئذ،. و استعرت ثوبين فلبستهما. فانطلقت أتأمّم رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يتلقّاني النّاس فوجا فوجا، يهنّئوني بالتّوبة و يقولون:

لتهنئك توبة اللَّه عليك. حتّى دخلت المسجد، فإذا رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) جالس في المسجد، و حوله النّاس. فقام طلحة بن عبيد اللَّه يهرول حتّى صافحني و هنّأني. و اللَّه! ما قام رجل من المهاجرين غيره.

قال فكان كعب لا ينساها لطلحة.

قال كعب: فلمّا سلّمت على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال، و هو يبرق وجهه من السّرور و يقول:

«أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمّك» قال فقلت: أمن عندك؟ يا رسول اللَّه! أم من عند اللَّه؟ فقال: «لا. بل من عند اللَّه»

و كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) إذا سرّ استنار وجهه. كأنّ وجهه قطعة قمر. قال و كنّا نعرف ذلك.

قال فلمّا جلست بين يديه قلت: يا رسول اللَّه! إنّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى اللَّه و إلى رسوله (صلّى اللّه عليه و سلّم). فقال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «أمسك بعض مالك. فهو خير لك» قال فقلت: فإنّي أمسك سهمي الذي بخيبر.

قال و قلت: يا رسول اللَّه! إنّ اللَّه إنّما أنجاني بالصّدق و إنّ من توبتي أن لا أحدّث إلّا صدقا ما بقيت. قال فو اللَّه! ما علمت أنّ أحدا من المسلمين أبلاه اللَّه في صدق الحديث، منذ ذكرت ذلك لرسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) إلى يومي هذا، أحسن ممّا أبلاني اللَّه به. و اللَّه! ما تعمّدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، إلى يومي هذا. و إنّي لأرجو أن يحفظني اللَّه فيما بقي.

قال: فأنزل اللَّه عزّ و جلّ‌ لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ، إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَ ضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ‌ [التوبة/ 117 و 118] حتّى بلغ‌ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ‌ [التوبة/ 119].

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست