الباب السادس في سيرته- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- عند الغضب
و فيه أنواع:
الأول: فيما يقال و يفعل.
روي عن سليمان بن صرد- رضي اللّه تعالى عنه- قال: كنت جالسا مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و قد استبّ رجلان عند النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) فجعل أحدهما يغضب و قد احمرّ وجهه، و انتفخت أوداجه، فنظر إليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) [1] فقال: «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه، «أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم» فقام رجل إلى ذلك الرّجل، فقال: أ تدري ما قال؟ قال: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، فقال الرجل: أ مجنونا تراني؟.
و عن ابن عبّاس- رضي اللّه تعالى عنهما- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «علّموا و يسّروا، علّموا و يسّروا»، قالها: ثلاثا، و إذا غضبت فاسكت رواهما البخاري في الأدب.
و روى أبو داود و ابن حبان عن أبي ذر- رضي اللّه تعالى عنه- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «إذا غضب أحدكم، و هو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب و إلّا فليضطجع».
و روى أبو داود عن ابن المسّيّب- (رحمه اللّه تعالى)- قال: بينما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) جالس، و مع أصحابه، وقع رجل بأبي بكر فأذاه، فصمت عنه أبو بكر.
ثم آذاه الثانية، فصمت عنه أبو بكر، ثم آذاه الثّالثة، فانتصر منه أبو بكر، فقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) حين انتصر أبو بكر، فقال أبو بكر: أوجدتّ عليّ يا رسول اللّه؟ فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «نزل ملك من السّماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان فلم أكن لأجلس، إذ وقع الشّيطان».