و روى عبد الرّزّاق عن زيد بن أسلم مرسلا قال: لقي النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) امرأة تخرج من عند عائشة، و معها شيء تحمله، فقال لها: طعاما هذا؟ قالت: أهديت لعائشة، فأبت أن تقبله، فقال النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) «ألا قبلته منها مرة واحدة؟» قالت: يا رسول اللّه، إنها محتاجة و إنّها كانت أحوج إليه مني، قال: «فهلّا قبلته منها و أعطيتها خيرا» [1].
و روى الإمام أحمد و ابن حبّان عن أنس- رضي اللّه تعالى عنه- أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهر و كان يهدي للنبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) الهديّة من البادية فيجهّزه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) إذا أراد أن يخرج، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) «إن زاهرا باديتنا و نحن حاضروه» [2].
و روى ابن أبي شيبة عن الرّبيع بنت معوّذ- رضي اللّه تعالى عنها- قالت أتيت رسول للّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بقناع من رطب و آخر من ذغب فأكل منها، و أعطاني ملء كفّي حليّا أو ذهبا، و قال: تحلّي [3] به و روى الطبرانيّ بسند ضعيف عن ابن عباس- رضي اللّه تعالى عنهما- أن الحجّاج بن غلاط السّلّميّ أهدى لرسول للّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) سيفه ذات الفقار و دحية أهدى له بغلة شهباء [4].
و روى أبو يعلى عن أبي بكر الصدّيق- رضي اللّه تعالى عنه- قال: نزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) منزلا فبعث له امرأة مع ابن لها بشاة، فحلب ثم قال: انطلق به إلى أمّك، فشربت حتى رويت، ثم جاء بشاة أخرى فحلب ثم شرب [5].
الثالث: في قبوله (صلّى اللّه عليه و سلّم) جرّة من جماعة من ملوك أهل الكتاب:
و روى الإمام أحمد و الترمذي و حسّنه عن عليّ- رضي اللّه تعالى عنه- قال أهدى كسرى لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقبل منه، و أهدى له قيصر فقبل منه، و أهدت له الملوك فقبل منهم.
و روى ابن أبي شيبة و الإمام أحمد عن أنس- رضي اللّه تعالى عنه- قال أهدى كسرى لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) جرّة من منّ فجعل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يعطي أصحابه منها قطعة قطعة، و أعطى جابرا قطعة ثم عاد، فأعطاه قطعة أخرى، فقال: يا رسول اللّه، لقد أعطيتني، فقال: هذا لبنات عبد اللّه يعني أخواته [6].
[1] أخرجه البغوي في شرح السنة 8/ 302 و الكنز (14482).
[2] أحمد 3/ 161 و عبد الرزاق (19688) و الترمذي في الشمائل (121، 122) و البيهقي 6/ 196.