و بايعت باليمنى يدي لمحمّد* * * فلم أكتسب إثما و لم أغش محرما
تركت خضيبا في العريش و صرمة* * * صفايا كراما بسرها قد تحمّما
و كنت إذا شكّ المنافق أسمحت* * * إلى الدين نفسي شطره حيث يمّما
ذكر إخباره- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بما قاله جماعة من المنافقين الذين خرجوا معه
قال محمد بن إسحاق، و محمد بن عمر- (رحمهم اللّه تعالى)- كان رهط من المنافقين يسيرون مع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- لم يخرجوا إلا رجاء الغنيمة منهم: وديعة بن ثابت أخو بني عمرو بن عوف.
و الجلاس بن سويد بن الصامت.
و مخشّن بالنون- قال أبو عمرو و ابن هشام مخشي بالتحتية- ابن حميّر من أشجع، حليف لبني سلمة، زاد محمد بن عمر: و ثعلبة بن حاطب.
فقال بعضهم لبعض، عند محمد بن عمر: فقال ثعلبة بن حاطب: أ تحسبون جلاد بني الأصفر كجلاد العرب بعضهم بعضا، لكأني بكم غدا مقرنين في الحبال، إرجافا برسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و إرهابا للمؤمنين.
و قال الجلاس بن عمرو، و كان زوج أم عمير، و كان ابنها عمير يتيما في حجره: و اللّه لئن كان محمد صادقا لنحن شرّ من الحمير، فقال عمير: فأنت شرّ من الحمير، و رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- صادق و أنت الكاذب، فقال مخشّن بن حميّر: و اللّه لوددت أن أقاضي على أن يضرب كلّ رجل منّا مائة جلدة، و إننا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه!!.
فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- لعمّار بن ياسر-: «أدرك القوم فإنهم قد اخترقوا، فاسألهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل بلى قلتم كذا و كذا»
[1] فانطلق عمّار إليهم فقال لهم ذلك، فأتوا رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابت و رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- على ناقته و قد أخذ وديعة بن ثابت بحقبها و رجلاه تسفيان الحجارة و هو يقول: يا رسول اللّه إنما كنا نخوض و نلعب، فأنزل اللّه تعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ [التوبة 65، 66] و حلف الجلاس ما قال من ذلك شيئا، فأنزل اللّه سبحانه و تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ [التوبة 74].
[1] انظر المغازي للواقدي 3/ 1003، و الدر المنثور للسيوطي 3/ 254.