و روى الشيخان عن ابن عمرو أو ابن عمر- رضي اللّه عنهم- قال: لمّا حاصر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- الطائف و لم ينل منهم شيئا قال «إنّا قافلون غدا إن شاء اللّه تعالى» فثقل عليهم، و قالوا:
أ نذهب و لا نفتح؟ و في لفظ فقالوا: لا نبرح أو نفتحها، فقال: «اغدوا على القتال» فغدوا فقاتلوا قتالا شديدا، فأصابهم جراح، فقال: «إنّا قافلون غدا إن شاء اللّه تعالى» قال: فأعجبهم، فضحك رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- قال عروة- (رحمه اللّه تعالى)- كما رواه البيهقي- و أمر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- الناس أن لا يسرّحوا ظهرهم، فلما أصبحوا، ارتحل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و أصحابه و دعا حين ركب قافلا و قال: «اللّهمّ اهدهم و اكفنا مؤنتهم»
قال ابن إسحاق في رواية يونس و حدثني عبد اللّه بن أبي بكر، و عبد اللّه بن المكرم عمن أدركوا من أهل العلم: أنّ رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- حاصر أهل الطائف ثلاثين ليلة أو قريبا من ذلك ثم انصرف عنهم و لم يؤذن فيهم، فقدم وفدهم في رمضان فأسلموا، قلت: و سيأتي بيان ذلك في الوفود إن شاء اللّه تعالى. قال ابن إسحاق في رواية زياد: «و حاصرهم بضعا و عشرين ليلة، و قيل: عشرين يوما و قيل: بضع عشرة ليلة» قال ابن حزم: و هو الصحيح بلا شك.
و روى الإمام أحمد، و مسلم عن أنس أنهم حاصروا الطائف أربعين ليلة و استغربه في البداية.
قال محمد بن عمر: فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- لأصحابه حين أرادوا أن يرتحلوا: «قولوا لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، صدق وعده و نصر عبده، و أعزّ جنده، و هزم الأحزاب وحده» فلما ارتحلوا و استقبلوا قال: «قولوا آئبون، إن شاء اللّه تائبون عابدون لربّنا حامدون».
ذكر من استشهد من المسلمين بالطائف و هم اثنا عشر رجلا
سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية.
و عرفطة- بضمّ العين المهملة، و سكون الرّاء، و ضمّ الفاء، و بالطّاء المهملة- ابن حباب- بضمّ الحاء المهملة، و تخفيف الموحدة.
و يزيد بن زمعة- بفتح الزّاي- و سكون الميم- ابن الأسود- جمح به فرسه إلى حصن الطّائف فقتلوه.
[1] أخرجه البخاري (4325) و مسلم في الجهاد باب غزوة الطائف (82)، و البيهقي في الدلائل 5/ 169.
[2] أخرجه الترمذي (3942) و أحمد 3/ 343 و ابن سعد 2/ 1/ 115 و ابن أبي شيبة 12/ 201، 14/ 508 و انظر البداية 4/ 350، 352.