و عشرون من الطائف- فشق ذلك على أهل الطّائف مشقة شديدة، و اغتاظوا على غلمانهم- فأعتقهم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و دفع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- كلّ رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه و يحمله فكان أبو بكرة إلى عمرو بن سعيد بن العاص، و كان الأزرق، إلى خالد بن سعيد بن العاص، و كان وردان إلى أبان بن سعيد بن العاص، و كان يحنّس النّبال إلى عثمان بن عفّان، و كان يسار بن مالك إلى سعد بن عبادة، و كان إبراهيم بن جابر إلى أسيد بن الحضير، و أمرهم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- أن يقرئوهم القرآن، و يعلموهم السنن، فلما أسلمت ثقيف تكلمت أشرافهم في هؤلاء المعتقين، منهم الحارث بن كلدة يردونهم إلى الرّق،
فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-: «أولئك عتقاء اللّه، لا سبيل إليهم»
ذكر رميه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- حصن الطائف بالمنجنيق
قال محمد بن عمر: قالوا: و شاور رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- أصحابه، فقال له سلمان الفارسي- رضي اللّه عنه-: يا رسول اللّه أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم، فإنّا كنّا بأرض فارس ننصب المنجنيقات على الحصون. و تنصب علينا، فنصيب من عدوّنا و يصيب منّا بالمنجنيق، و إن لم يكن منجنيق طال الثّواء، فأمره رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فعمل منجنيقا بيده، فنصبه على حصن الطائف، و هو أول منجنيق رمي به في الإسلام.
و روى ابن سعد عن مكحول- (رحمه اللّه تعالى)- أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- نصب المنجنيق على أهل الطّائف أربعين يوما، و يقال: قدم به يزيد بن زمعة بن الأسود و بدبّابتين، و يقال:
الطّفيل بن عمرو، و يقال: خالد بن سعيد قدم من جرش بمنجنيق و بدبّابتين، و نثر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- الحسك، شقتين من حسك من عيدان حول حصنهم، و دخل المسلمون من تحت الدّبابة، و هي من جلود البقر. و ذلك اليوم يقال له يوم الشّدخة لما شدخ فيه من الناس، ثمّ زحفوا بها إلى جدار الحصن ليحفروه، فأرسلت ثقيف بسكك الحديد المحماة بالنّار، فحرّقت الدّبّابة، فخرج المسلمون من تحتّها و قد أصيب منهم من أصيب، فرمتهم ثقيف بالنّبل، فقتل منهم رجال فأمر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بقطع أعنابهم و نخيلهم و تحريقها، قال عروة: أمر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- كلّ رجل من المسلمين أن يقطع خمس نخلات و خمس حبلات، فقطع المسلمون قطعا ذريعا.
فنادت ثقيف: لم تقطع أموالنا؟ إمّا أن تأخذها إن ظهرت علينا، و إمّا أن تدعها للّه و للرّحم فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-: فإني أدعها للّه و للرحم فتركها رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-.
و كان رجل يقوم على الحصن فيقول: روحوا رعاء الشاء روحوا جلابيب محمّد أ تروننا نبتئس على أحبل أصبتموها من كرومنا؟ فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- «اللّهمّ روّح مروّحا إلى النّار».